للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٥٥٢ - وَعَنْ حُذَيْفَةَ -رضي الله عنه- (أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَنْهَى عَنِ اَلنَّعْيِ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.

===

• ما صحة حديث الباب؟

الحديث في إسناده حبيب بن سليم، وثقه ابن حبان، والحديث حسنه الحافظ ابن حجر، فالحديث لا بأس به.

- الحديث له قصة: عن حذيفة قال (إذا مت فلا تؤذنوا بي إني أخاف أن يكون نعياً، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهى عن النعي).

• عرف النعي؟

النعي: هو الإخبار بموت الميت.

قال الترمذي في جامعه ص (٢٣٩): والنعي عندهم أن ينادى في الناس أن فلاناً مات ليشهدوا جنازته.

وقال ابن الأثير في النهاية (٥/ ٨٥): نعى الميت إذا أذاع موته، وأخبر به، وإذا ندبه.

وقال القليوبي في حاشيته (١/ ٣٤٥): وهو النداء بموت الشخص، وذكر مآثره ومفاخره.

• ماذا نستفيد من حديث الباب؟

نستفيد: تحريم النعي، وهو الإخبار بموت الميت.

لكن النعي المنهي عنه في الحديث: هو النعي الجاهلي من الإعلام بوفاة الميت على وجه التفاخر والتباهي، مثل الصياح على أبواب البيوت والأسواق.

لأن النعي ينقسم إلى قسمين:

الأول: نعي محرم.

ودليله: حديث الباب.

هو النعي الجاهلي من الإعلام بوفاة الميت على وجه التفاخر والتباهي، مثل الصياح على أبواب البيوت والأسواق.

قال السندي في (حاشية ابن ماجه) كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يُشْهِرُونَ الْمَوْت بِهَيْئَةِ كَرِيهَة، فَالنَّهْي مَحْمُول عَلَيْهِ، وَخَافَ حُذَيْفَة أَنْ يَكُون الْمُرَاد إِطْلاق النَّهْي، فَمَا سمِحَ بِهِ، فَهُوَ مِنْ بَاب الْوَرَع، وَإِلا فَخَبَر الْمَوْت سِيَّمَا إِذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ كَتَكْثِيرِ الْجَمَاعَة جَائِز

وقال الحافظ في الفتح: النَّعْي لَيْسَ مَمْنُوعًا كُلّه، وَإِنَّمَا نُهِيَ عَمَّا كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَصْنَعُونَهُ فَكَانُوا يُرْسِلُونَ مَنْ يُعْلِن بِخَبَرِ مَوْت الْمَيِّت عَلَى أَبْوَاب الدُّور وَالأَسْوَاق.

وفي (تحفة الأحوذي) الظَّاهِرُ أَنَّ حُذَيْفَةَ -رضي الله عنه- أَرَادَ بِالنَّعْيِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيَّ وَحَمَلَ النَّهْيَ عَلَى مُطْلَقِ النَّعْيِ. وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ الْمُرَادَ بِالنَّعْيِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ النَّعْيُ الْمَعْرُوفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: كَانَتْ الْعَرَبُ إِذَا مَاتَ فِيهَا مَيِّتٌ لَهُ قَدْرٌ رَكِبَ رَاكِبٌ فَرَسًا وَجَعَلَ يَسِيرُ فِي النَّاسِ وَيَقُولُ: نَعَاءِ فُلانٍ أَيْ أَنْعِيهِ وَأُظْهِرُ خَبَرَ وَفَاتِهِ، وَإِنَّمَا قَالُوا هَذَا لأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- نَعَى النَّجَاشِيَّ، وَأَيْضًا قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- أَخْبَرَ بِمَوْتِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ حِينَ قُتِلُوا بِمُؤْتَةَ. وَأَيْضًا قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ حِينَ أُخْبِرَ بِمَوْتِ السَّوْدَاءِ أَوْ الشَّابِّ الَّذِي كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ: أَلا آذَنْتُمُونِي. فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الإِعْلامِ بِالْمَوْتِ لا يَكُونُ نَعْيًا مُحَرَّمًا وَإِنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ اِسْمُ النَّعْيِ، وَلِذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ إِنَّ الْمُرَادَ بِالنَّعْيِ فِي قَوْلِهِ: (يَنْهَى عَنْ النَّعْيِ) النَّعْيُ الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ جَمْعًا بَيْنَ الأَحَادِيثِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>