١٤٥٢ - وَعَنْهُ. أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ، فَإِنَّ اَلشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ) أَخْرَجَهُ مُسْلِم.
===
[ماذا نستفيد من الحديث؟]
نستفيد مشروعية الأكل اليمين وعدم الأكل بالشمال.
وقد اختلف العلماء في حكم ذلك على قولين:
القول الأول: أنه واجب.
اختاره ابن أبي موسى، وابن حزم، وابن عبد البر، وابن تيمية، وابن القيم، والشوكاني، ومحمد بن صالح العثيمين غيرهم.
أ-لحديث جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (لَا تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ; فَإِنَّ اَلشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وجه الدلالة: دل الحديث على النهي عن الأكل بالشمال، بدلالة قوله (لا تأكلوا) وهذا نهي، والأصل في النهي إذا ورد مجرداً عن القرائن فإنه يقتضي التحريم.
ب- ولحديث الباب (إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ).
قال ابن القيم: ومقتضى هذا تحريم الأكل بها، وهو الصحيح، فإن الآكل بها، إما شيطان، وإما مشبه به.
ج- ولحديث عمر بن أبي سلمة وفيه (يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيك) متفق عليه.
وجه الدلالة: أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأكل باليمين.
قال العيني: وأما الأكل باليمين فقد ذهب بعضهم إلى أنه واجب لظاهر الأمر.
د- وعن سَلمة بنِ عمرو بنِ الأكوع - رضي الله عنه - (أنَّ رَجُلاً أَكَلَ عِنْدَ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: (كُلْ بِيَمِينكَ) قَالَ: لا أسْتَطيعُ. قَالَ: (لا استَطَعْتَ) مَا مَنَعَهُ إلاَّ الكِبْرُ فمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيه) رواه مسلم.
قال الشيخ ابن عثيمين: فيه استعمال الاستطاعة بمعنى الإرادة، فقوله (لا أستطيع) أي: لا أريد، ومنه قول الحواريين (هل يستطيع ربك) أي: هل يريد ربك.
(قَالَ: لَا اسْتَطَعْتَ) هذا دعاء منه -صلى الله عليه وسلم- عليه، لأنه لم له في ترك الأكل باليمين عذر، وإنما قصد المخالفة.
(قَالَ فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ) أي: أن ذلك الرجل لم يستطع بعد ذلك اليوم أن يرفع يده اليمنى إلى فيه، وهو كناية أنها شلّت بدعائه -صلى الله عليه وسلم- عليه.
قال الصنعاني في شرح حديث الباب: وفي الحديث دليل على وجوب الأكل باليمين للأمر به أيضاً، ويزيده تأكيداً أنه -صلى الله عليه وسلم- أخبر بأن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله وفعل الشيطان يحرم على الإنسان ويزيده تأكيداً أن رجلاً أكل عنده -صلى الله عليه وسلم- بشماله فقال: "كل بيمينك" فقال: لا أستطيع قال: "لا استطعت ما منعه إلا الكبر" فما رفعها إلى فيه، أخرجه مسلم، ولا يدعو -صلى الله عليه وسلم- إلا على من ترك الواجب، وأما كون الدعاء لتكبره فهو محتمل أيضاً، ولا ينافي أن الدعاء عليه للأمرين معاً. (سبل السلام)