• إذا صلى الإمام جالساً، فكيف يصلي من خلفه؟
اختلف العلماء في كيفية صلاة المأمومين خلفه على أقوال:
القول الأول: أنهم يصلون وراءه قياماً.
وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي. سلومي
أ-لحديث الباب، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى قاعداً، وصلى أبو بكر والناس خلفه قياماً.
ب-ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (صلّ قائماً … ) فالقيام ركن على القادر عليه، وهؤلاء قادرون على القيام، فيكون القيام في حقهم ركن.
ج-قالوا: إن حديث الباب ناسخ لحديث عائشة (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيته وهو شاك فصلى جالساً، وصلى وراءه قوم قياماً، فأشار إليهم: أن اجلسوا، فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به … وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً). متفق عليه، فإن حديث الباب في مرض موته -صلى الله عليه وسلم- فهو ناسخ.
القول الثاني: أنهم يصلون وراءه جلوساً ولو كانوا قادرين على القيام.
وهذا مذهب الظاهرية، والأوزاعي، وإسحاق.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- (وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً) وهذا أمر والأمر يقتضي الوجوب.
القول الثالث: أن الإمام إذا ابتدأ بهم الصلاة جالساً، ثم اعتل في أثنائها فجلس، أتموا خلفه قياماً.
عملاً بحديث الباب، وإذا ابتدأ بهم الصلاة قاعداً صلوا قعوداً، لحديث (وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً).
وهذا القول هو الصحيح، لأن فيه جمعاً بين الأدلة.
فحديث أنس (سَقَطَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى بِنَا قَاعِداً فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُوداً، … ثم قال وَإِذَا صَلَّى قَاعِداً فَصَلُّوا قُعُوداً أَجْمَعُون) متفق عليه.
ففي هذا الحديث صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قاعداً وصلى من خلفه قعوداً، وكان -صلى الله عليه وسلم- قد ابتدأ الصلاة قاعداً.
وحديث عائشة - حديث الباب - ( … فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا، يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَيَقْتَدِي اَلنَّاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْر).
فيه أن أبا بكر ابتدأ بهم الصلاة قائماً، ثم جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فصلى بهم من حيث انتهى أبو بكر، فصلى قاعداً والصحابة صلوا خلفه قياماً، فدل على أن الإمام إذا ابتدأ الصلاة قائماً ثم عجز عن القيام بعد ذلك صلى من خلفه قياماً.
وهذا قول أحمد.
قال الحافظ: وقد قال بقول أحمد جماعة من محدثي الشافعية، كابن خزيمة، وابن المنذر، وابن حبان.