للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• ما حكم طواف الوداع للمعتمر؟

اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: أنه سنة.

وهذا قول جمهور العلماء، وحكاه ابن عبد البر إجماعاً.

أ- أن الصحابة - رضي الله عنهم - لما حلوا من عمرتهم في حجة الوداع، خرجوا إلى منى وعرفة، ولم يؤمروا بطواف الوداع، ولو كان واجباً لأمروا به.

ب- ولأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يطف للوداع عند خروجه من مكة بعد عمرة القضاء والجعرانة.

ج-ولأن الأحاديث لم تأت إلا بأمر الحاج به، ففي حديث ابن عمر المخرّج عند ابن خزيمة (أمر الحاج .. ) وكذلك رواية ابن عباس عند الشافعي، فتخصيصه بالحاج يدل على أن المعتمر على خلافه.

وحديث (لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت) أمر للحجاج بدليل قرينة الحال، لأنه -صلى الله عليه وسلم- قاله عند الفراغ من الحج إرشاداً للحجاج.

قال الشيخ ابن باز: المعتمر لا وداع عليه في أصح قولي العلماء.

القول الثاني: أنه يجب على المعتمر وداع.

وبه قال الثوري.

قال الشيخ ابن عثيمين: وهذا القول هو الراجح، … وقال: طواف الوداع واجب على كلِّ إنسان مغادر مكة وهو حاج أو معتمر، للأدلة التالية:

أ- عموم قوله: (لا ينفر واحد حتى يكون آخر عهده بالبيت).

وهذا شامل (واحدٌ) نكرة في سياق النفي، أو في سياق النهي، فتعم كل من خرج.

ب- أن العمرة كالحج، سماها النبي -صلى الله عليه وسلم- حجاً أصغر، كما في حديث عمرو بن حزم المشهور الذي تلقته الأمة بالقبول: (والعمرة هي الحج الأصغر).

ج-أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال ليعلى بن أمية: (اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك).

فإذا كنت تصنع طواف الوداع في حجك، فاصنعه في عمرتك، ولا يخرج من ذلك إلا ما أجمع العلماء على خروجه، مثل: الوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، والمبيت بمنى، ورمي الجمار، فإن هذا بالإجماع ليس مشروعاً في العمرة. (انتهى كلام الشيخ).

د- حديث الحارث بن عبد الله بن أوس قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول (من حج هذا البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت) رواه الترمذي، لكنه ضعيف.

والراجح أن طواف الوداع للعمرة سنة.

لكن ينبغي للإنسان أن يفعله خروجاً من الخلاف وأبرأ للذمة. والله أعلم.

فائدة: أجمع العلماء على أن المعتمر إذا اعتمر ثم خرج مباشرة، أنه لا يجب عليه طواف وداع، كأن يقدم مكة فيطوف ويسعى ويحلق ثم يخرج مباشرة، فهذا لا طواف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>