القول الثالث: من فاتته راتبة الظهر لنسيان أو انشغل عنها فله أن يصليها بعد العصر، لكن لا يداوم عليها، فالمداومة عليها هي من خصوصيات النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة (كان إذا عمل عملاً أثبته).
وهذا رجحه البيهقي وقال: الذي اختص به -صلى الله عليه وسلم- المداومة على ذلك لا أصل القضاء. ورجح هذا القول ابن حجر وابن القيم والألباني.
جاء صحيح مسلم عن أبي سلمة أنه سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصليهما بعد العصر فقالت: كان يصليهما قبل العصر ثم إنه شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر، ثم أثبتهما، وكان إذا صلى صلاة أثبتها، قال يحيى بن أيوب - أحد رواته -: قال إسماعيل: تعني داوم عليها.
فمداومته عليها خصوصية كما هو ظاهر.
قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه للحديث: فيه فوائد منها: … ، ومنها: أن السنن الراتبة إذا فاتت يستحب قضاؤها، وهو الصحيح عندنا.
ومنها: أن الصلاة التي لها سبب لا تكره في وقت النهي، وإنما يكره ما لا سبب لها، وهذا الحديث هو عمدة أصحابنا في المسألة، وليس لنا أصح دلالة منه، ودلالته ظاهرة.
فإن قيل: فقد داوم النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها، ولا يقولون بهذا.
قلنا: لأصحابنا في هذا وجهان حكاهما المتولي وغيره، أحدهما: القول به، فمن دأبه سنة راتبة فقضاها في وقت النهي، كان له أن يداوم على صلاة مثلها في ذلك الوقت.
والثاني: وهو الأصح الأشهر ليس له ذلك، وهذا من خصائص رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتحصل الدلالة بفعله -صلى الله عليه وسلم- في اليوم الأول.
فإن قيل: هذا خاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم- قلنا: الأصل الاقتداء به -صلى الله عليه وسلم- وعدم التخصيص حتى يقوم دليل به، بل هنا دلالة ظاهرة على عدم التخصيص، وهي أنه -صلى الله عليه وسلم- بين أنها سنة الظهر، ولم يقل هذا الفعل مختص بي، وسكوته ظاهر في جواز الاقتداء. (شرح مسلم)
وقال البيهقي: الذي اختص به -صلى الله عليه وسلم- المداومة على ذلك، لا أصل القضاء. (الفتح ٢/ ٦٤)
• هل تقضى السنن الرواتب في وقت النهي أم لا؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال.
القول الأوَّل: أنَّ السُّنن الرواتب تقضى في الأوقات المنهي عنها.
وهو مذهب الشَّافعي، ورواية عند الحنابلة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحم الله الجميع.