• هل لعقد الإجارة حد أقصى لتأجير العين؟
ليس في عقد الإجارة حد أقصى لتأجير العين، فتصح الإجارة مهما طالت المدة، ولكن بشرط أن يغلب على الظن بقاء العين المؤجرة.
قال ابن قدامة رحمه الله: وَلَا تَتَقَدَّرُ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، بَلْ تَجُوزُ إجَارَةُ الْعَيْنِ الْمُدَّةَ الَّتِي تَبْقَى فِيهَا وَإِنْ كَثُرَتْ.
وَهَذَا قَوْلُ كَافَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
إلَّا أَنَّ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ اخْتَلَفُوا فِي مَذْهَبِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَهُ قَوْلَانِ؛ أَحَدُهُمَا، كَقَوْلِ سَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَهُوَ الصَّحِيحُ.
الثَّانِي لَا يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَى أَكْثَرَ مِنْهَا.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ، أَنَّهَا لَا تَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تَبْقَى أَكْثَرَ مِنْهَا، وَتَتَغَيَّرُ الْأَسْعَارُ وَالْأَجْرُ.
وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى إخْبَارًا عَنْ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ (عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِك)، وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَقُمْ عَلَى نَسْخِهِ دَلِيلٌ.
وَلِأَنَّ مَا جَازَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ سَنَةً، جَازَ أَكْثَرَ مِنْهَا، كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْمُسَاقَاةِ، وَالتَّقْدِيرُ بِسَنَةٍ وَثَلَاثِينَ، تَحَكُّمٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ التَّقْدِيرِ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ أَوْ نُقْصَانٍ مِنْهُ.
قال الشيخ ابن عثيمين: لو أجرها مدة طويلة يغلب على الظن أنها لا تبقى فيها، فظاهر كلام المؤلف أن الإجارة لا تصح … لو أجره البعير لمدة خمسين سنة فإنه لا يصح؛ لأن البعير لا يبقى إلى خمسين سنة، أو أجره سيارة لمدة مائة سنة فلا يصح؛ لأن الغالب أنها لا تبقى إلا أن توقف ولا تستعمل فهذا شيء آخر، لكن إذا استعملت فلا تبقى إلى هذه المدة.
فاشترط المؤلف في تأجير العين مدة يغلب على الظن بقاء العين فيها، فإن لم يغلب على الظن بقاء العين فيها فإنه لا يصح؛ لأنه لا يتم استيفاء المنفعة، ومن شرط الإجارة أن يمكن استيفاء المنفعة، فإذا استأجرها لمدة يغلب على الظن بقاء العين فيها، ولكنها لم تبق؛ فإن الإجارة تنفسخ ويسقط عن المستأجر بقسطه من الأجرة. (الشرح الممتع)
• هل الإجارة عقد لازم أم عقد جائز؟
عقد لازم.
وها مذهب عامة العلماء.
فلا يملك أحد المتعاقدين الانفراد بفسخ العقد إلا برضا الطرف الآخر أو وجود ما يقتضي الفسخ.
أ-لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ويدخل في ذلك عقد الإجارة، لأنه عقد من العقود.
ب-ولقوله -صلى الله عليه وسلم- (المسلمون على شروطهم).
ج-ولأنها نوع من البيع. (بيع منافع).
د- أن القول بعد لزوم عقد الإجارة فيه ضرر للمتعاقدين أو لأحدهما.