هـ- وعن جابر رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (من أُعطي عطاءً فوجد فليجز به، فإن لم يجد فليثنِ، فإن من أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر، ومن تحلى بما لم يُعط كان كلابس ثوبي زور) رواه الترمذي.
و- وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (إذا قال الرجلُ لأخيه: جزاك الله خيراً، فقد أبلغ في الثناء) رواه عبد الرزاق في المصنف.
قال المباركفوري (جزاك الله خيراً) أي خير الجزاء أو أعطاك خيراً من خيري الدنيا والآخرة. (فقد أبلغ في الثناء) أي بالغ في أداء شكره، وذلك أنه اعترف بالتقصير، وأنه ممن عجز عن جزائه وثنائه، ففوض جزاءه إلى الله ليجزيه الجزاء الأوفى. قال بعضهم إذا قصرت يداك بالمكافأة، فليطل لسانك بالشكر والدعاء.
وقال عمر رضي الله عنه: لو يعلم أحدكم ما له في قوله لأخيه: جزاك اللهُ خيراً، لأكثرَ منها بعضُكم لبعض. رواه ابن أبي شيبة وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقلن: وبِمَ ذلك يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير) متفق عليه.
وقد ترجم الإمام البخاري لهذا الحديث بقوله: باب كفران العشير وهو الزوج وهو الخليط من المعاشرة.
وفي هذا الحديث وعيدٌ على كفران العشير - الزوج - وهذا الوعيد يدل على أن كفران العشير كبيرةٌ من الكبائر.
لما حث الإسلام على مكافأة من صنع معروفاً؟
أولاً: تشجيع ذوي المعروف على فعل المعروف.
ثانياً: أن يكسر بها الذل الذي حصل له بصنع المعروف إليه.
وقدْ أشارَ شيخُ الإسلامِ إلى مَشْرُوعِيَّةِ المكافأةِ؛ لأنَّ القلوبَ جُبِلَتْ على حُبِّ مَنْ أحسنَ إليها، فهوَ إذا أحسنَ إليهِ ولمْ يُكَافِئْهُ يَبْقَى في قلبِهِ نوعُ تَأَلُّهٍ لِمَنْ أحسنَ إليهِ، فشرعَ قطعَ ذلكَ بالمكافأةِ؛ فهذا معنى كلامِهِ.
وقالَ غيرُهُ: (إنَّما أمرَ بالمكافأةِ لِيَخْلُصَ القلبُ منْ إحسانِ الخَلْقِ ويتَعَلَّقَ بالحق.
[ما المشروع إذا لم نجد ما نكافئ به صاحب المعروف؟]
نكافئه بالدعاء والثناء.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- (فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له).
يعني من أحسن إليكم أي إحسان فكافئوه بمثله، فإن لم تقدروا فبالغوا في الثناء والدعاء له جهدكم حتى تحصل المسألة، وقد روى الترمذي وصححه عن أسامة بن زيد مرفوعاً: (من صنع إليكم معروفاً، فقال لفاعله: جزاك الله خيراً، فقد أبلغ في الثناء).