قال الشيخ ابن باز: لا حرج أن يصوم الإنسان يوم السبت مطلقاً في الفرض والنفل، والحديث الذي فيه النهي عن صوم يوم السبت حديث ضعيف مضطرب مخالف للأحاديث الصحيحة، فلا بأس أن يصوم المسلم من يوم السبت، سواءٌ كان عن فرض أو عن نفل، ولو ما صام معه غيره، والحديث الذي فيه النهي عن صوم يوم السبت إلا في الفرض حديث غير صحيح، بل هو ضعيف وشاذ مخالف للأحاديث الصحيحة. (نور على الدرب).
القول الثاني: أنه صحيح.
وممن صححه: ابن السكن، قال النووي: صححه الأئمة.
وصححه الألباني وغيرهم.
والراجح أنه ضعيف لا يصح.
ولذلك فالراجح جواز صوم يوم السبت من غير كراهة ولو منفرداً.
• بما أجاب من قال بصحة الحديث؟
من صحح الحديث، بعضهم ذهب إلى أنه منسوخ.
قال أبو داود: وهذا حديث منسوخ. كما في سننه.
لكن لا دليل على النسخ، قال الحافظ ابن حجر في التلخيص متعقباً دعوى أبي داود: ولا يتبين وجه النسخ فيه.
وذهب بعضهم: إلى أن النهي محمول على إفراده بالصيام، فإن صام يوماً قبله أو بعده فلا بأس.
وهذا رأي الترمذي وابن خزيمة وغيرهم.
أ- الترمذي، فقد أَخْرَجَ حديثَ الصَّمَّاءِ وقال: هذا حديثٌ حسنٌ، ومعنى كراهتِهِ في هذا أنْ يَخُصَّ الرجلُ يومَ السَّبْتِ بصيامٍ لأنَّ اليهودَ تُعظِّمُ يومَ السَّبْت.
ب- ابن خزيمة، فقد أخْرَجَ الحديث (وبَوَّبَ له في صحيحه: باب النهي عن صوم يوم السَّبْتِ تطَوُّعَاً إذا أُفرِد بالصوم).
ج-منهم ابن حبان، فقد ترجم (ذِكْرُ الزجر عن صوم يوم السَّبْتِ مُفْرَدَاً) وأَخْرَجَ تَحْتَهُ حديثَ عبد الله بن بُسْر، وترجم بَعْدَهُ: (ذِكْرُ العلة التي من أجلها نُهيَ عن صيام يوم السَّبْتِ مع البيان بأنَّه إذا قُرِن بيومٍ آخرَ جَازَ صومُهُ). وساق تَحْتَهُ حديثَ كُرَيْبٍ مولى ابنِ عباس عن أم سَلَمَةَ (إنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أَكثَرَ ما كانَ يصومُ من الأيام يومَ السَّبْتِ والأحد وكانَ يقول: إنَّهما عيدانِ للمشركين، وأنا أريد أنْ أُخالِفَهم).
د-قال النووي في المجموع: يُكْرَهُ إفرادُ يوم السَّبْتِ بالصوم، فإنْ صام قَبْلَهُ أو بَعْدَهُ معه لم يُكرَه، صرَّح بكراهةِ إفرادهِ أصحابُنا، منهم الدارمي والبغوي والرافعي وغيرهم … والصوابُ … أنَّه يُكْرَهُ إفرادُ السَّبْتِ بالصيام إذا لم يُوافق عادةً له لحديث الصَّمَّاء ....
هـ-قال ابن القيم: وقال جماعةٌ من أهل العلم: لا تعارُضَ بينه وبين حديث أم سَلَمَةَ، فإنَّ النهي عن صومه: إنَّما هو عن إفراده، وعلى ذلك تَرْجَمَ أبو داوُدَ … قالوا: ونظيرُ هذا أنَّه نهى عن إفراد يوم الجُمُعَةِ بالصوم إلا أنْ يصوم يوماً قَبْلَهُ أو يوماً بَعْدَهُ، وبهذا يزولُ الإشكالُ الذي ظنَّهُ مَنْ قال: إنَّ صومَهُ نوعُ تعظيمٍ له: فهو موافَقَةٌ لأهل الكتاب في تعظيمه، وإنْ تضمَّن مخالفتَهم في صومه، فإنَّ التعظيم إنَّما يكون إذا أُفرِدَ بالصوم ولا ريب أنَّ الحديث لم يجيء بإفراده، وأمَّا إذا صامه مع غيره، لم يكن فيه تعظيمٌ واللهُ أعلَمُ).