للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٦٠ - وَعَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَأَنْفُسِكُمْ، وَأَلْسِنَتِكُم) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم.

===

• ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد الحث على مجاهدة المشركين بالمال والنفس واللسان.

كما قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ)

وقال تعالى (الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ).

وقال تعالى (لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

وقال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)

قال الصنعاني: الْحَدِيث دَلِيل عَلَى وُجُوب الْجِهَاد بِالنَّفْسِ، وَهُوَ بِالْخُرُوجِ وَالْمُبَاشَرَة لِلْكُفَّارِ، وَبِالْمَالِ وَهُوَ بَذْله لِمَا يَقُوم بِهِ مِنْ النَّفَقَة فِي الْجِهَاد وَالسِّلَاح وَنَحْوه، وَبِاللِّسَانِ بِإِقَامَةِ الْحُجَّة عَلَيْهِمْ وَدُعَائهُمْ إِلَى اللَّه تَعَالَى، وبالأصوات عند اللقاء وَالزَّجْر وَنَحْوه مِنْ كُلّ مَا فِيهِ نِكَايَة لِلْعَدُو.

وقال الشوكاني: فيه دليل على وجوب المجاهدة للكفار بالأموال والأيدي والألسن. وقد ثبت الأمر القرآني بالجهاد بالأنفس والأموال في مواضع، وظاهر الأمر الوجوب.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن عجز عن الجهاد ببدنه وقدر على الجهاد بماله وجب عليه الجهاد بماله، فيجب على الموسرين النفقة في سبيل الله.

وعلى هذا: فيجب على النساء الجهاد في أموالهن إن كان فيها فضل، وكذلك في أموال الصغار إن احتيج إليها كما تجب النفقات والزكاة، فأما إذا هجم العدو فلا يبقى للخلاف وجه، فإن دفع ضررهم عن الدين والنفس والحرمة واجب إجماعاً.

• ما الحكمة في أكثر الآيات الآمرة بالجهاد بالنفس والمال، فيها تقديم المال على النفس؟

كقوله تعالى (انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إن كُنتُمْ تَعْلَمُون).

وقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ … ).

وقوله تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُون).

وجاء في موضع واحد تقديم النفس على المال.

كما في قوله تعالى (إنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإنجِيلِ وَالْقُرْآنِ).

قال الآلوسي رحمه الله: لعل تقديم الأموال على الأنفس لِمَا أن المجاهدة بالأموال أكثر وقوعاً، وأتم دفعاً للحاجة؛ حيث لا يُتصَوَر المجاهدة بالنفس بلا مجاهدة بالمال، وقيل: ترتيب هذه المتعاطفات في الآية على حسب الوقوع؛ فالجهاد ب (المال) لنحو التأهب للحرب، ثم الجهاد بالنفس.

وقال صاحب البرهان: وجه التقديم أن الجهاد يستدعي تقديم إنفاق الأموال أولاً؛ فهو من باب السبق بالسببية.

وقال ابن القيم رحمه الله في حكمة تقديم المال على النفس:

أولاً: هذا دليل على وجوب الجهاد بالمال كما يجب بالنفس، فإذا داهم العدو وجب على القادر الخروج بنفسه، فإن كان عاجزاً وجب عليه أن يكتري بماله.

<<  <  ج: ص:  >  >>