وقال النووي رحمه الله في شرحه للحديث: قوله -صلى الله عليه وسلم- (خُذُوا مِنْهُمْ وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ) هذَا تَصْرِيح بِجَوَازِ أَخْذ الْأُجْرَة عَلَى الرُّقْيَة بِالْفَاتِحَةِ وَالذِّكْر، وَأَنَّهَا حَلَال لَا كَرَاهَة فِيهَا، وَكَذَا الْأُجْرَة عَلَى تَعْلِيم الْقُرْآن، وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَمَالِك وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبِي ثَوْر وَآخَرِينَ مِنْ السَّلَف وَمَنْ بَعْدهمْ، وَمَنَعَهَا أَبُو حَنِيفَة فِي تَعْلِيم الْقُرْآن، وَأَجَازَهَا فِي الرُّقْيَة.
• ما الحكم إن كان ترك الإتمام من المستأجر لا من الأجير؟
الحكم: أنه يستحق جميع الأجرة، إلا إذا كان لعذر فله من الأجرة بقدر ما عمل.
مثال: استأجر شخص رجلاً ليبني له جداراً، فلما كان في أثناء العمل أتى السيل فهدم الجدار، وليس عند المستأجر شيء يبني به الجدار من جديد، فهنا لا يستحق العامل إلا مقدار ما عمل. (ابن عثيمين).
• ما الحكم إذا استأجر شخصاً لعمل محرّم، فهل يعطيه أجرته أم لا؟ (كأن يستأجره للعزف والزمر مثلاً، أو ليشهد له زوراً، أو ليضرب له بريئاً، أو كمن يستأجر امرأة للزنا ونحو ذلك من الأعمال المحرمة)
الحكم: أنه لا يجوز أن يدفع له الأجرة على العمل المحرم، ويلزمه أن يتصدق بهذا المال، لئلا يجمع بين العوضين: المنفعة المحرمة، والمال.
جاء في (الموسوعة الفقهية" (١/ ٢٩٠)): الإجارة على المنافع المحرمة كالزنى والنوح والغناء والملاهي محرمة وعقدها باطل، لا يستحق به أجرة.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن رجل حلق ذقنه عند الحلاق وقال: سوف أعطيك المال فيما بعد دينا عليّ، ثم هداه الله والتزم بأحكام الإسلام فهل يعطيه المال أم لا؟
فأجاب: يقول له: أنا لن أعطيك إياه لأن هذا مقابل عمل محرم، ويتصدق به.
• ما الحكم إن تاب من عمل محرم وقد اكتسب مالاً محرماً كأجرة الغناء أو شهادة الزور والأجرة على كتابة الربا؟
من تاب إلى الله تعالى من عمل محرم، وقد اكتسب منه مالاً، كأجرة الغناء والرشوة والكهانة وشهادة الزور، والأجرة على كتابة الربا، ونحو ذلك من الأعمال المحرمة، فإن كان قد أنفق المال، فلا شيء عليه، وإن كان المال في يده، فيلزمه التخلص منه بإنفاقه في وجه الخير، إلا إذا كان محتاجاً فإنه يأخذ منه قدر الحاجة، ويتخلص من الباقي.
قال ابن القيم رحمه الله: إذا عاوض غيره معاوضة محرمة وقبض العوض، كالزانية والمغنى وبائع الخمر وشاهد الزور ونحوهم ثم تاب والعوض بيده.
فقالت طائفة: يرده إلى مالكه؛ إذ هو عين ماله ولم يقبضه بإذن الشارع ولا حصل لصاحبه في مقابلته نفع مباح.
وقالت طائفة: بل توبته بالتصدق به ولا يدفعه إلى من أخذه منه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أصوب القولين. (مدارج السالكين)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ومن أخذ عوضاً عن عين محرمة أو نفع استوفاه، مثل أجرة حَمَّال الخمر، وأجرة صانع الصليب، وأجرة البغيّ ونحو ذلك فليتصدق بها، وليتب من ذلك العمل المحرم، وتكون صدقته بالعوض كفارة لما فعله، فإن هذا العوض لا يجوز الانتفاع به؛ لأنه عوض خبيث، ولا يعاد إلى صاحبه؛ لأنه قد استوفى العوض، ويتصدق به كما نص على ذلك من نص من العلماء، كما نص عليه الإمام أحمد في مثل حامل الخمر، ونص عليه أصحاب مالك وغيرهم. (مجموع الفتاوى)
- فائدة: قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: مسألة: لو أن الإنسان استؤجر على عمل في الذمة بأن قيل له: نريد تنظيف هذا البيت كل يوم، ولك في الشهر مائة ريال، فاستأجر من ينظف البيت كل يوم لكن بخمسين ريال، فهل يجوز أو لا؟
الجواب: نعم يجوز، هذا من جنس ما إذا قلنا: إنه يجوز أن يؤجر بقية المدة بأكثر من الأجرة، وعلى هذا عمل الناس اليوم.
• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟
أن الإسلام قد ضمن للعاملين حقوقهم وتوفير الحياة الكريمة لهم ولأسرهم فلا يجوز لرب العمل ان يؤذيه بل يجب ان يعطيه حقه في الاجر والراحة واداء العبادات والقيام بحق الزوجية والوالدين.
ليعلم كل انسان انه مسئول عن كل كبيرة وصغيرة يوم القيامة.
الأجر هو حق للعامل دون أن يمن عليه رب العمل.