للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ما المراد بالظلم في هذا الحديث؟]

تقدم أن الظلم ينقسم إلى أقسام:

القسم الأول: الشرك، وهو أعظم الظلم.

قال تعالى عن لقمان (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، فإن المشرك جعل المخلوق في منزلة الخالق، فعبده وتألهه، فوضع الأشياء في غير موضعها، وأكثر ما ذكر في القرآن من وعيد الظالمين إنما أريد به المشركون كما قال تعالى (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ)

القسم الثاني: ظلم العبد نفسه بالمعاصي.

قال تعالى {فمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِه}.

القسم الثالث: ظلم العباد بعضهم بعضاً، وهو المذكور في هذا الحديث.

قال تعالى (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ).

وهذا القسم هو المقصود بالحديث لقوله (فلا تظالموا).

وقد جاءت نصوص كثيرة تبين تحريم الظلم:

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إن الظلم ظلمات يوم القيامة) متفق عليه.

وقال -صلى الله عليه وسلم- (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا) متفق عليه

وقال -صلى الله عليه وسلم- (من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين) متفق عليه.

وقال -صلى الله عليه وسلم- (من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلل منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يأخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه، فطرحت عليه) رواه البخاري.

والظلم ينقسم إلى قسمين:

أحدهما: منع ما يجب لهم من الحقوق وهو التفريط، والثاني: فعل ما يضر به وهو العدوان.

الحديث دليل على عظيم رحمة الله بعباده ورفقه به، ما وجه ذلك؟

وجه ذلك: أنه ناداهم بهذا اللفظ (يا عبادي) المشعر بالرحمة والرفق.

[ماذا نستفيد من لفظ (يا عبادي)؟]

نستفيد التذكير للعباد بالحكمة التي من أجلها خلقوا وهي عبادة الله.

قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).

وقال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ).

وقد امتدح ربنا جل وعلا نبيه -صلى الله عليه وسلم- وأثنى عليه ووصفه في أشرف مقاماته بوصف العبودية:

فقال سبحانه في الإسراء) سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى).

وفي مقام الدعوة قال سبحانه (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً).

وفي مقام التحدي قال سبحانه (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا).

<<  <  ج: ص:  >  >>