١١٥٢ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- (أَنَّ اِمْرَأَةً قَالَتْ: - يَا رَسُولَ اَللَّهِ! إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي، وَقَدْ نَفَعَنِي، وَسَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ فَجَاءَ زَوْجُهَا، فَقَالَ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَا غُلَامُ! هَذَا أَبُوكَ وَهَذِهِ أُمُّكَ، فَخُذْ بِيَدِ أَيُّهُمَا شِئْتَ" فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ.
===
• ما صحة حديث الباب؟
صحيح.
نقل ابن حجر في التلخيص عن ابن القطان تصحيح الحديث.
• ما الحكم إذا بلغ الصبي سبع سنوات؟
اختلف العلماء في هذه المسالة على أقوال:
القول الأول: أنه يخيّر.
وهذا قول الشافعي وأحمد وإسحاق، واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم.
قال ابن قدامة: وجملته أن الغلام إذا بلغ سبعاً، وليس بمعتوه، خير بين أبويه، إذا تنازعا فيه، فمن اختاره منهما، فهو أولى به قضى بذلك عمر، وعلي، وشريح وهو مذهب الشافعي.
لحديث الباب.
قال ابن قدامة: إنما يُخَيَّرُ الْغُلَامُ [يعني: يخير بين أبويه إذا بلغ سبع سنوات] بِشَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْحَضَانَةِ، كَانَ كَالْمَعْدُومِ، وَيُعَيَّنُ الْآخَرُ.
الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ الْغُلَامُ مَعْتُوهًا، فَإِنْ كَانَ مَعْتُوهًا كَانَ عِنْدَ الْأُمِّ، وَلَمْ يُخَيَّرْ; لِأَنَّ الْمَعْتُوهَ بِمَنْزِلَةِ الطِّفْلِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا، وَلِذَلِكَ كَانَتْ الْأُمُّ أَحَقَّ بِكَفَالَةِ وَلَدِهَا الْمَعْتُوهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَلَوْ خُيِّرَ الصَّبِيُّ، فَاخْتَارَ أَبَاهُ، ثُمَّ زَالَ عَقْلُهُ، رُدَّ إلَى الْأُمِّ، وَبَطَلَ اخْتِيَارُهُ; لِأَنَّهُ إنَّمَا خُيِّرَ حِينَ اسْتَقَلَّ بِنَفْسِهِ، فَإِذَا زَالَ اسْتِقْلَالُهُ بِنَفْسِهِ، كَانَتْ الْأُمُّ أَوْلَى; لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَيْهِ، وَأَقْوَمُ بِمَصَالِحِهِ، كَمَا فِي حَالِ طُفُولِيَّتِهِ " انتهى
القول الثاني: عدم التخيير.
وهذا مذهب الحنفية والمالكية.
قال ابن قدامة: وقال مالك، وأبو حنيفة: لا يخير لكن قال أبو حنيفة: إذا استقل بنفسه، فأكل بنفسه، ولبس بنفسه، واستنجى بنفسه، فالأب أحق به ومالك يقول: الأم أحق به حتى يثغر، وأما التخيير، فلا يصح؛ لأن الغلام لا قول له، ولا يعرف حظه، وربما اختار من يلعب عنده ويترك تأديبه، ويمكنه من شهواته، فيؤدي إلى فساده، ولأنه دون البلوغ، فلم يخير، كمن دون السبع.
والراجح الأول.
• قال العلماء: إذا كان بين الأبوين فرق فلا اعتبار باختيار الطفل في هذه الحالة، لأن الطفل قد يؤثر البطالة واللعب، فربما يختار من يجد عنده اللعب والتساهل والعبث، فلا يعرف مصلحة نفسه.