للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويجوز للمطلقة أن تطالب زوجها بأجرة إرضاعها الطفل باتفاق العلماء.

قال ابن قدامة رحمه الله: رضاع الولد على الأب وحده، وليس له إجبار أمه على رضاعه إذا كانت مطلقة، لا نعلم في ذلك خلافاً. وقال أيضاً: الأم إذا طلبت إرضاعه بأجر مثلها فهي أحق به، سواء وجد الأب مرضعة متبرعة أو لم يجد.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما أجر الرضاع فلها ذلك باتفاق العلماء، كما قال تعالى: (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن).

فائدة: ١

قال ابن قدامة: وإن تركت الأم الحضانة مع استحقاقها لها، ففيه وجهان؛ أحدهما، تنتقل إلى الأب؛ لأن أمهاتها فرع عليها في الاستحقاق، فإذا أسقطت حقها، سقط فروعها والثاني: تنتقل إلى أمها وهو أصح؛ لأن الأب أبعد، فلا تنتقل الحضانة إليه مع وجود أقرب منه، كما لا تنتقل إلى الأخت، وكونهن فروعا لها، لا يوجب سقوط حقوقهن بسقوط حقها، كما لو سقط حقها لكونها من غير أهل الحضانة، أو لتزوجها وهكذا الحكم في الأب إذا أسقط حقه، هل يسقط حق أمهاته؟

فائدة: ٢

قال ابن القيم: قَوْلُهَا: (كَانَ بَطْنِي وِعَاءً) إلَى آخِرِهِ إدْلَاءٌ مِنْهَا وَتَوَسّلٌ إلَى اخْتِصَاصِهَا بِهِ كَمَا اخْتَصّ بِهَا فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ الثّلَاثَةِ وَالْأَبُ لَمْ يُشَارِكْهَا فِي ذَلِكَ فَنَبّهَتْ وَالْمُخَاصَمَةِ.

وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَعَانِي وَالْعِلَلِ وَتَأْثِيرِهَا فِي الْأَحْكَامِ وَإِنَاطَتِهَا بِهَا وَأَنّ ذَلِكَ أَمْرٌ مُسْتَقِرّ فِي الْفِطَرِ السّلِيمَةِ حَتّى فِطَرِ النّسَاءِ وَهَذَا الْوَصْفُ الّذِي أَدْلَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ وَجَعَلَتْهُ سَبَبًا لِتَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِهِ قَدْ قَرّرَهُ النّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- وَرَتّبَ عَلَيْهِ أَثَرَهُ وَلَوْ كَانَ بَاطِلًا أَلْغَاهُ بَلْ تَرْتِيبُهُ الْحُكْمَ عُقَيْبَهُ دَلِيلٌ عَلَى تَأْثِيرِهِ فِيهِ وَأَنّهُ سَبَبُهُ.

وَاسْتُدِلّ بِالْحَدِيثِ عَلَى الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَإِنّ الْأَبَ لَمْ يُذْكَرْ لَهُ حُضُورٌ وَلَا مُخَاصَمَةٌ وَلَا دِلَالَةٌ فِيهِ لِأَنّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَالْمَرْأَةُ إنّمَا جَاءَتْ مُسْتَفْتِيَةً أَفْتَاهَا النّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بِمُقْتَضَى مَسْأَلَتِهَا وَإِلّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَى الزّوْجِ إنّهُ طَلّقَهَا حَتّى يُحْكَمَ لَهَا بِالْوَلَدِ بِمُجَرّدِ قَوْلِهَا. (زاد المعاد).

<<  <  ج: ص:  >  >>