[اذكر بعض أقوال ابن قدامة في التحذير من الرياء؟.]
قال رحمه الله: اعلم أن أصل الرياء حب الجاه والمنزلة، وإذا فُصل رجع إلى ثلاثة أصول:
أولاً: حب لذة الحمد.
ثانياً: الفرار من ألم الذم.
ثالثاً: الطمع فيما في أيدي الناس
وقال رحمه الله: واعلم أن أكثر الناس إنما هلكوا لخوف مذمة الناس، وحب مدحهم، فصارت حركاتهم كلها على ما يوافق رضى الناس، رجاء المدح، وخوفاً من الذم، وذلك من المهلكات.
وقال: ولم يزل المخلصون خائفين من الرياء الخفي، يجتهدون في مخادعة الناس عن أعمالهم الصالحة، ويحرصون على إخفائها أعظم ما يحرص الناس على إخفاء فواحشهم، كل ذلك رجاء أن يخلص عملهم ليجازيهم الله تعالى في القيامة بإخلاصهم.
وقال أيضاً: ومن الدواء النافع (في علاج الرياء) أن يعود نفسه إخفاء العبادات، وإغلاق الأبواب دونها، كما نغلق الأبواب دون الفواحش، فإنه لا دواء في الرياء مثل إخفاء الأعمال. (مختصر منهاج القاصدين).
قال ابن الجوزي في صيد الخاطر: ثم تأملت العلماء والمتعلمين، فرأيت القليل من المتعلمين عليه أمارة النجابة؛ لأن أمارة النجابة طلب العلم للعمل به، وجمهورهم يطلب منه ما يصيره شبكة للكسب إما ليأخذ قضاء مكان، أو ليصير قاضي بلد، أو قدر ما يتميز به عن أبناء جنسه، ثم يكتفي.
وقال ابن رجب: ومن علامات العلم النافع أنه يدل صاحبه على الهرب من الدنيا وأعظمها الرئاسة والشهرة والمدح فالتباعد عن ذلك والاجتهاد في مجانبته من علامات العلم النافع.
فإذا وقع شيء من ذلك من غير قصد واختيار كان صاحبه في خوف شديد من عاقبته بحيث أنه يخشى أن يكون مكراً واستدراجاً كما كان الإمام أحمد يخاف ذلك على نفسه عند اشتهار اسمه وبعد صيته.
وقال الذهبي: ينبغي للعالم أن يتكلم بنية وحسن قصد، فإن أعجبه كلامه فليصمت، وإن أعجبه الصمت فلينطق، ولا يفتر عن محاسبة نفسه فإنها تحب الظهور والثناء.
وحكى الذهبي - رحمه الله تعالى - عن أبى الحسن القطان - رحمه الله تعالى - قوله: أُصبت ببصري، وأظن أنى عوقبت بكثرة كلامي أيام الرحلة.
قال الذهبي: صدق والله، فقد كانوا مع حسن القصد وصحة النية غالباً يخافون من الكلام، وإظهار المعرفة، واليوم يكثرون الكلام مع نقص العلم، وسوء القصد ثم إن الله يفضحهم، ويلوح جهلهم وهواهم واضطرابهم فيما علموه فنسأل الله التوفيق والإخلاص.
وقال أبو قلابة لأيوب السختياني: يا أيوب إذا أحدث الله لك علمًا فأحدث لله عبادة، ولا يكونن همك أن تحدث به الناس.
وفي ترجمة ابن جريج: قال الوليد بن مسلم سألت الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وابن جريج: لمن طلبتم العلم؟!! كلهم يقول: لنفسي. غير أنَّ ابن جريج فإنَّه قال: طلبته للناس.