للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٧٦٧ - وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَمْرِوِ بْنِ اَلْعَاصِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا (أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَفَ فِي حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَمْ أَشْعُرْ، فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. قَالَ: " اِذْبَحْ وَلَا حَرَجَ " فَجَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ، فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ: " اِرْمِ وَلَا حَرَجَ " فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: " اِفْعَلْ وَلَا حَرَجَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

===

أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَفَ) أي: على راحلته كما في الرواية الثانية، وفي رواية (رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ناقته بمنى)، وعند البخاري في كتاب العلم (عند الجمرة).

(فِي حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ) هي الحجة التي حجها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد هجرته، ولم يحج بعد هجرته إلا مرة واحدة فقط في السنة العاشرة من الهجرة.

(لَمْ أَشْعُرْ) بضم العين، الشعور هو الإحساس والإدراك، فالسائل عمل النسك من الحج بلا شعور ولا إحساس لما ينبغي تقديمه ولا تأخيره من المناسك.

(فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ) المشروع الذبح قبل الحلق، لقوله تعالى (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله).

(اِذْبَحْ وَلَا حَرَجَ) هذه الكلمة يحتمل: أن الرجل قال: حلقت قبل أن أذبح، أي ولم أذبح الآن، فقال له: اذبح ولا حرج، وتحتمل أن السائل قال: حلقت قبل أن أذبح، وقد ذبحت الآن، فقال: اذبح، أي في المستقبل، وكلا المعنيين صحيح.

• ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد أن الأفضل في أنساك يوم العيد أن ترتب على الصفة التالية اقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

الرمي، النحر، الحلق، الطواف، السعي.

ونستفيد: أن الترتيب بينها ليس بواجب وأنه يجوز الإخلال بالترتيب.

فإن أخل بترتيبها ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه.

قال في المغني: وهو قول كثير من أهل العلم.

وإن قدم بعضها على بعض في حق العامد العالم، اختلف العلماء في ذلك:

والصحيح من أقوال أهل العلم، وهو قول الإمام أحمد وجمهور التابعين وفقهاء الحديث أنه يجوز تقديم بعضها على بعض في حق العامد.

مستدلين بأحد طرق هذا الحديث التي رواها البخاري ومسلم عن ابن عمرو: (قال السائلون: يا رسول الله، حلقت قبل أن أذبح؟ قال: اذبح ولا حرج. وقال آخر: ذبحت قبل أن أرمي؟ قال: ارم ولا حرج. فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: افعل ولا حرج). ولم يقيده بالناسي والجاهل.

• هل يجوز تقديم سعي الحج على الطواف في يوم النحر؟

ذهب بعض العلماء إلى جواز ذلك.

أ-لحديث أسامة بن شريك قال (خرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاجاً، وكان الناس يأتونه، فمن قائل يقول: يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف أو أخرت شيئاً أو قدمت شيئاً، فكان يقول: لا حرج لا حرج، إلا رجلٌ اقترض عِرْضَ رجل مسلم وهو ظالم فذاك الذي حرِج وهلك) رواه أبو داود.

ب- ويؤيد ذلك قوله (ما سئل عن شيء في ذلك اليوم قدم ولا أخر إلا قال: افعل ولا حرج).

قال الشيخ ابن عثيمين: لو قدم السعي على الطواف في يوم النحر جاز، خلافاً لأكثر أهل العلم.

وممن صحح حديث (سعيت قبل أن أطوف) ابن خزيمة حيث أورده في صحيحه وابن جماعة حيث قال: إسناده صحيح، وكذا قال النووي كما في المجموع.

وقد حكم بعض العلماء على رواية (سعيت قبل أن أطوف أو أخرت … ) بالشذوذ.

قال ابن القيم: وقوله (سعيت قبل أن أطوف) ليس بمحفوظ والمحفوظ تقديم الرمي والنحر والحلق، بعضها على بعض.

وجماهير أهل العلم على عدم جواز تقديم السعي على الطواف، وجعلوا الترتيب بينهما شرطاً.

• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟

- حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على تبليغ رسالته، ولهذا وقف ليسأله الناس فجعلوا يسألونه.

- ينبغي لطالب العلم أن يقف للناس في أماكن عباداتهم ليسألوه.

- أجمع العلماء على مشروعية ترتيب هذه الأعمال كما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>