١٥٤٥ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (اَلْبَاقِيَاتُ اَلصَّالِحَاتُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ، وَسُبْحَانَ اَللَّهِ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاَللَّهِ) أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ.
===
(اَلْبَاقِيَاتُ) أي: الكلمات التي تبقى لصاحبها من حيث الثواب.
(اَلصَّالِحَاتُ) للتقرب إلى الله.
ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد فضل هذا الذكر، وأن هذا الذكر من الباقيات الصالحات التي تبقى للعبد بعد موته.
وقد قال تعالى (المال وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً).
ووصفت بالباقيات لأنها تبقى لأهلها يوم القيامة، ذخراً وثواباً.
قال القاسمي: قوله تعالى (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) أي: والأعمال التي تبقى ثمراتها الأخروية، من الاعتقادات والأخلاق والعبادات الكاملات، خير عند ربك من المال والبنين، في الجزاء والفائدة وخير مما يتعلق بهما من الأمل، فإن ما ينال بهما من الآمال الدنيوية، أمرها إلى الزوال، وما ينال بالباقيات الصالحات من منازل القرب الرباني والنعيم الأبدي، لا يزول ولا يحول. (تفسير القاسمي).
وقد اختلف العلماء في المراد بالباقيات الصالحات على أقوال:
القول الأول: الباقيات الصالحات هذه الكلمات: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَر.
ونسبه بعض المفسرين للجمهور.
القول الثاني: أن الباقيات الصالحات هي الصلوات الخمس.
القول الثالث: أن الباقيات الصالحات هي الأعمال الصالحة كلها. وهذا اختيار ابن جرير.
قال الإمام الطبري -رحمه الله- وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: هنّ جميع أعمال الخير، كالذي رُوي عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس؛ لأن ذلك كله من الصالحات التي تبقى لصاحبها في الآخرة، وعليها يجازى ويُثاب، وإن الله عزّ ذكره لم يخصص من قوله (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا) بعضاً دون بعض في كتاب، ولا بخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.