فقد جاء في الحديث (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حمد الله وأثنى عليه، وقال: أما بعد، ما من شيء لم أكن رأيته إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار).
وجاء في حديث آخر (فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فو الله إني لأعطي الرجل والذي أدع أحب إلي من الذي … ).
وهي أداة شرط بمعنى: مهما يكن من شيء.
ويؤتى بها للانتقال من الخطبة إلى الموضوع.
وقد اختلف العلماء في أول من قالها:
فقيل: داود -عليه السلام-، رواه الطبراني وفي إسناده ضعف.
وقيل: أول من قالها يعقوب، رواه الدار قطني.
وقيل: أول من قالها يعرب بن قحطان.
وقيل: كعب بن لؤي.
وقيل: قيس بن ساعدة.
قال الحافظ: والأول أشبه.
قال ابن رجب: وقد قيل: أن هذه الكلمة فضل الخطاب الذي أوتيه داود -عليه السلام-، وقد سبق ذكر ذلك في أول الكلام في الكلام على حديث كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هرقل (أما بعد؛ فاني ادعوك بدعاية الإسلام).
والمعنى في الفصل بأما بعد: الإشعار بأن الأمور كلها وان جلت وعظمت فهي تابعة لحمد الله والثناء عليهِ، فذاك هوَ المقصود بالإضافة، وجميع المهمات تبع له من أمور الدين والدنيا.
ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (كل أمر ذي بال لا يبدأ بالحمد لله فهو أقطع) وفي روايةٍ: (أجذم).