للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• اذكر الأدلة على جواز التيمم إذا خاف الإنسان من شدة البرد إذا استعمل الماء؟

يدل على ذلك:

أ-قوله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة).

ب-وقوله سبحانه (ولا تقتلوا أنفسكم).

ج-وحديث عمرو بن العاص قال (احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا عمرو، أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت الله يقول (ولا تقتلوا أنفسكم) فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يقل شيئاً). رواه أبو داود

وسكوت النبي -صلى الله عليه وسلم- يدل على الجواز، لأنه لا يقر على الخطأ، ولأنه خائف على نفسه، فأبيح له التيمم كالجريح والمريض.

• في قصة عمرو بن العاص فوائد:

أولاً: جواز إمامة المتيمم بالمتوضئين. وهذا مذهب الجمهور.

قال ابن حزم: وجائزٌ أن يؤمَّ المتيممُ المتوضئينَ، والمتوضئُ المتيممينَ، والماسحُ الغاسِلينَ، والغاسلُ الماسحينَ؛ لأن كلَّ واحدٍ ممن ذكرنا قد أدَّى فرضَه، وليس أحدُهما بأطهرَ من الآخر، ولا أحدُهما أتمَّ صلاةً من الآخر، وقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا حضرت الصلاة أن يؤمَّهم أقرؤهم، ولم يخص -عليه السلام- غير ذلك، ولو كان ههنا واجبٌ غير ما ذكره -عليه السلام- لبيَّنه ولا أهمله، حاشا لله من ذلك، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف وزفر وسفيان والشافعي وداود وأحمد وإسحاق وأبي ثور، وروي ذلك عن ابن عباس وعمار بن ياسر وجماعة من الصحابة -رضي الله عنهم-، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن وعطاء والزهري وحماد بن أبي سليمان.

ثانياً: جواز التيمم إذا خشي الإنسان البرد.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وفي هذا الحديث جواز التيمم لمن يتوقع من استعمال الماء الهلاك سواء كان لأجل برد أو غيره، وجواز صلاة المتيمم بالمتوضئين.

ثالثاً: أن إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- دليل يعمل به.

رابعاً: أنه لا يلزمه الإعادة فيما بعد، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمره بالإعادة، لأنه أتى بما أمر به.

قال شمس الحق آبادي - رحمه الله - في شرح حديث عمرو بن العاص -: فيه دليل على جواز التيمم عند شدة البرد من وجهين:

الأول: التبسم والاستبشار.

والثاني: عدم الإنكار؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يقر على باطل، والتبسم والاستبشار أقوى دلالة من السكوت على الجواز.

وقال الخطابي: فيه من الفقه أنه -عليه السلام- جعل عدم إمكان استعمال الماء، كعدم عين الماء، وجعله بمنزلة من يخاف العطش ومعه ماء فأبقاه ليشربه وليتيمم به خوف التلف.

قال ابن رسلان في (شرح السنن): لا يتيمم لشدة البرد مَنْ أمكنه أن يسخن الماء أو يستعمله على درجة يأمن الضرر، مثل أن يغسل عضواً ويستره، وكلما غسل عضواً ستره ودفَّاه مِنْ البرد: لزمه ذلك، وإن لم يقدر: تيمم وصلَّى في قول أكثر العلماء.

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: فأقره النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك ولم يأمره بالإعادة؛ لأن مَنْ خاف الضرر كمن فيه الضرر، لكن بشرط أن يكون الخوف غالباً أو قاطعاً، أما مجرد الوهم فهذا ليس بشيء. (مجموع فتاوى الشيخ العثيمين).

<<  <  ج: ص:  >  >>