٨٠٤ - وَعَنْهُ قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ بَيْعِ اَلْعُرْبَانِ) رَوَاهُ مَالِكٌ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، بِهِ.
===
• ما صحة حديث الباب؟
الحديث ضعيف لا يصح، ضعفه الإمام أحمد، والبيهقي، والنووي في المجموع، والمنذري في مختصر السنن، وابن حجر في التلخيص، والألباني في ضعيف الجامع الصغير.
• ما هو بيع العربون؟
قال ابن الأثير: العربون هو أن يشتري السلعة ويدفع إلى صاحبها شيئاً على أنّه إن أمضى البيع حُسب من الثمن، وإن لم يمض البيع كان لصاحب السلعة ولم يرتجعه المشتري.
وقالت اللجنة الدائمة: هو أن يدفع المشتري للبائع أو وكيلاً مبلغاً من المال أقل من ثمن المبيع بعد تمام عقد البيع، لضمان المبيع؛ لئلا يأخذه غيره على أنه إن أخذ السلعة احتسب به من الثمن، وإن لم يأخذها فللبائع أخذه وتملكه.
• ما حكم بيع العربون؟
اختلف العلماء رحمهم الله في حكم بيع العربون على قولين:
القول الأول: التحريم.
ذهب إليه جمهور علماء الأمصار إلى أنّه غير جائز بل هو باطل ولا يصحّ.
وهو قول مالك، والشافعيّ، والليث ابن سعد، وعبد العزيز بن أبي سلمة، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والحنفية، وحكى ابن المنذر بطلانه عن ابن عباس، والحسن البصري.
أ-لحديث الباب.
ب- ولقوله -صلى الله عليه وسلم- (لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع) رواه الخمسة.
قال الشوكاني: فاشتمل العربون على شرطين فاسدين.
ج-قوله تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأكُلُواْ أَموَالَكُم بَينَكُم بالباطل).
قال القرطبي في تفسيره: ومن أكْل أموال الناس بالباطل بيع العربان .. فهذا لا يصلح، ولا يجوز عند جماعة فقهاء الأمصار من الحجازيين، والعراقيين، لأنه من باب بيع القمار والغرر والمخاطرة وأكل المال بالباطل، بغير عوض ولا هبة، وذلك باطل بالإجماع.
د-أن في بيع العربان معنى الميسر، قاله الدهلوي في الحجة.
هـ-أنه بمنزلة الخيار المجهول، فإنه اشترط أن له رد المبيع من غير ذكر مدة، كما لو قال: ولي الخيار، متى شئت رددت السلعة ومعها درهم.
القول الثاني: الجواز
وهو مذهب الإمام أحمد، وفعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعن ابن عمر أنه أجازه، وقال ابن المسيب: لا بأس إذا كره السلعة أن يردها، ويرد معها شيئاً. قال أحمد: هذا في معناه.
أ- لما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وعلقه البخاري: عن عبد الرحمن بن فروخ (أن نافع بن عبد الحارث اشترى داراً للسجن من صفوان بن أمية بأربعة آلاف درهم، فإن رضي عمر فالبيع له، وإن عمر لم يرض فأربعمائة لصفوان).
ومما يقوي هذا الحديث أيضا أن قصة شراء عمر بن الخطاب داراً للسجن بمكة من صفوان بن أمية ـ قد اشتهرت بين أهل العلم، وبين من كتب في تاريخ مكة، مثل: الأزرقي، والفاكهي، وابن شبة، حتى إنها كانت موجودة في عصر الفاكهي، وكانت لا تزال سجن مكة، فليراجع، والله أعلم.
ب-ومن المعقول: قالوا: إنّ ذلك الثمن في صفقة العربان إنّما استحقّه البائع في مقابل الزمن وتأخير بيعه وتفويت الفرصة على البائع.
قال الشيخ محمد بن عثيمين: الجهالة في بيع العربون ليست جهالة ميسر، لأن جهالة الميسر يكون فيه المتعاملان بين الغنم والغرم، أما هذه فإن البائع ليس بغارم، بل البائع غانم، وغاية ما هنالك أن ترد إليه سلعته، ومن المعلوم أن المشتري لو شرط الخيار لنفسه مدة يوم أو يومين كان ذلك جائزاً، وبيع العربون يشبه شرط الخيا، إلا أنه يعطى للبائع جزء من الثمن إذا رد إليه السلعة، لأن قيمتها قد تنقص إذا علم الناس بهذا، ولو على سبيل التقديم، ففيه مصلحة.
وفيه أيضاً مصلحة للبائع من وجه آخر، أن المشتري إذا سلم العربون فإن في هذا دافع لتتميم البيعة.
وفيه كذلك مصلحة للمشتري، لأنه يكون بالخيار في رد السلعة إذا دفع العربون، بينما لو لم يدفعه للزمه البيع .... (بحث للأخ عدنان الأحمدي).