١٤٨٩ - وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ -رضي الله عنه-[قَالَ] سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (مَا مِنْ عَبْدِ يَسْتَرْعِيهِ اَللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ، وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اَللَّهُ عَلَيْهِ اَلْجَنَّةَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
===
(مَعْقِل بْن يَسَارٍ) المزني، أسلم قبل الحديبية، وكان ممن بايع تحت الشجرة، قال البغوي: هو الذي حفر نهر معقل بالبصرة بأمر عمر فنسب إليه ونزل البصرة وبنى بها داراً، ومات بها في خلافة معاوية. وهو راوي حديث: العبادة في الهرج كهجرة إلي.
والحديث له قصة:
عَنِ الْحَسَنِ قَالَ عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزَنِيَّ فِي مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ. قَالَ مَعْقِلٌ إِنّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثاً سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ إِنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ).
(عَنِ الْحَسَنِ) البصري.
(قَالَ عَادَ) أي زار.
(عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ) بن عبيد المعروف بابن زياد بن أبي سفيان، كانت فيه جرأة، وإقدام على سفك الدماء.
(يسترعية الله) أي يستحفظه ويجعله راعياً لهم.
(وهو غاش لرعيته) الغش ضد النصيحة.
(حرم الله عليه الجنة) أي لم يدخل مع أول الداخلين.
(ثم لا يجهد لهم) أي لم يبذل غاية جهده وطاقته من أجلهم.
ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد تحريم الغش في الرعية.
وفي رواية (مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِى أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ إِلاَّ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ) وللطبراني (إلا أكبه الله على وجهه في النار).
وقال -صلى الله عليه وسلم- (من غش رعيته فهو في النار).
قال النووي: قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه: مَعْنَاهُ بَيِّن فِي التَّحْذِير مِنْ غِشّ الْمُسْلِمِينَ لِمَنْ قَلَّدَهُ اللَّه تَعَالَى شَيْئًا مِنْ أَمْرهمْ وَاسْتَرْعَاهُ عَلَيْهِمْ وَنَصَبَهُ لِمَصْلَحَتِهِمْ فِي دِينهمْ أَوْ دُنْيَاهُمْ، فَإِذَا خَانَ فِيمَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَنْصَح فِيمَا قُلِّدَهُ إِمَّا بِتَضْيِيعِهِ تَعْرِيفهمْ مَا يَلْزَمهُمْ مِنْ دِينهمْ، وَأَخْذهمْ بِهِ، وَإِمَّا بِالْقِيَامِ بِمَا يَتَعَيَّن عَلَيْهِ مِنْ حِفْظ شَرَائِعهمْ وَالذَّبّ عَنْهَا لِكُلِّ مُتَصَدٍّ لِإِدْخَالِ دَاخِلَة فِيهَا أَوْ تَحْرِيف لِمَعَانِيهَا أَوْ إِهْمَال حُدُودهمْ، أَوْ تَضْيِيع حُقُوقهمْ، أَوْ تَرْك حِمَايَة حَوْزَتهمْ، وَمُجَاهَدَة عَدُوّهِمْ، أَوْ تَرْك سِيرَة الْعَدْل فِيهِمْ، فَقَدْ غَشَّهُمْ قَالَ الْقَاضِي: وَقَدْ نَبَّهَ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِر الْمُوبِقَة الْمُبْعِدَة عَنْ الْجَنَّة.