للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٠٩٩ - وَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا (أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: إِنَّ اِمْرَأَتِي لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ. قَالَ: "غَرِّبْهَا". قَالَ: أَخَافُ أَنْ تَتْبَعَهَا نَفْسِي. قَالَ: "فَاسْتَمْتِعْ بِهَا) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظٍ (قَالَ: طَلِّقْهَا. قَالَ: لَا أَصْبِرُ عَنْهَا. قَالَ: "فَأَمْسِكْهَا).

===

• اذكر أقوال العلماء في صحة هذا الحديث؟

اختلف العلماء في هذا الحديث، فمنهم من صححه، ومنهم من ضعفه، ومنهم من أنكره:

فممن صححه: ابن حزم كما في "المحلى" (١٢/ ٢٤٣)، والنووي كما في "التلخيص" (٣/ ٤٥٢) وابن حجر كما في "التلخيص" (٣/ ٤٥٢)، والألباني في "صحيح أبي داود".

وممن ضعفه: النسائي حيث قال عقب روايته: " هذا الحديث ليس بثابت "، ونقل ابن القيم عنه في "روضة المحبين" أنه قال: " هذا الحديث منكر ".

وكذلك الإمام أحمد، فنقل ابن الجوزي عنه في "الموضوعات" (٢/ ٢٧٢) أنه قال: " هَذَا الحَدِيث لَا يثبت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، لَيْسَ لَهُ أصل.

وكذا ضعفه شيخ الإسلام ابن تيمية، كما في "مجموع الفتاوى" (٣٢/ ١١٦).

وقال ابن كثير رحمه الله " وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: مَا بَيْنَ مُضَعِّفٍ لَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ النسائي، ومنكر، كما قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَر. (تفسير ابن كثير).

ولعل هذا هو أظهر القولين في الحديث: أنه ضعيف، لا يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبهذا حكم عليه وأعله الأئمة الكبار: أحمد، والنسائي، وأعله البيهقي أيضا بالإرسال.

• اذكر معنى (لا ترد يد لامس)؟

قال الحافظ ابن حجر: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: (لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِس).

فَقِيلَ: مَعْنَاهُ: الْفُجُورُ، وَأَنَّهَا لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ يَطْلُبُ مِنْهَا الْفَاحِشَةَ.

وَبِهَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَالْخَلَّالُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، وَالنَّوَوِيُّ.

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ التَّبْذِيرُ، وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ أَحَدًا طَلَبَ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ مَالِ زَوْجِهَا.

وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ وَالْأَصْمَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، وَنَقَلَهُ عَنْ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ.

وَقَالَ بَعْضُ حُذَّاقِ الْمُتَأَخِّرِينَ: قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم- لَهُ: أَمْسِكْهَا: مَعْنَاهُ أَمْسِكْهَا عَنْ الزِّنَا أَوْ عَنْ التَّبْذِيرِ، إمَّا بِمُرَاقَبَتِهَا، أَوْ بِالِاحْتِفَاظِ عَلَى الْمَالِ، أَوْ بِكَثْرَةِ جِمَاعِهَا.

وقِيلَ: الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ، أَنَّهَا لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ يَمُدُّ يَدَهُ لِيَتَلَذَّذَ بِلَمْسِهَا، وَلَوْ كَانَ كَنَّى بِهِ عَنْ الْجِمَاعِ لَعُدَّ قَاذِفًا، أَوْ أَنَّ زَوْجَهَا فَهِمَ مِنْ حَالِهَا أَنَّهَا لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ أَرَادَ مِنْهَا الْفَاحِشَةَ، لَا أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْهَا. (التلخيص).

وقال في (عون المعبود) خافَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ طَلَاقَهَا أَنْ تَتُوقَ نَفْسُهُ إِلَيْهَا فَيَقَعَ فِي الْحَرَام.

<<  <  ج: ص:  >  >>