للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بَابُ اَلشُّفْعَةِ

٩٠١ - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: (قَضَى رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ اَلْحُدُودُ وَصُرِّفَتْ اَلطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.

وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ (اَلشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ: أَرْضٍ، أَوْ رَبْعٍ، أَوْ حَائِطٍ، لَا يَصْلُحُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَعْرِضَ عَلَى شَرِيكِهِ).

وَفِي رِوَايَةِ اَلطَّحَاوِيِّ (قَضَى اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ) وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

===

(قَضَى رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أي: حكم وألزم.

(فَإِذَا وَقَعَتِ اَلْحُدُودُ) الحدود جمع حد، والمراد به هنا: ما تُميز به الأملاك بعضها عن بعض.

(وَصُرِّفَتْ اَلطُّرُقُ) أي: بيّنت مصارف الطرق وشوارعها.

(اَلشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ) أي: في كل شيء مشترك، والشِرك: النصيب المشترك.

(أَرْضٍ) بيضاء مشتركة بين اثنين، فإذا باع أحد الشريكين فلشريكه الشفعة.

(أَوْ رَبْعٍ) بفتح الراء وهو المنزل، وإنما قيل للمنزل: رَبْعٌ، لأن الإنسان يربع فيه، أي: يقيم.

(أَوْ حَائِطٍ) الحائط: بستان النخل.

(لَا يَصْلُحُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَعْرِضَ عَلَى شَرِيكِهِ) وفي لفظ (لا يحل أن يبيع حتى يعرض على شريكه).

• ما صحة حديث الباب؟

حديث جابر رواه البخاري بهذا اللفظ، ورواه مسلم بلفظ آخر.

ورواية الطحاوي ذكرها الحافظ ابن حجر لأنها تدل على أن الشفعة تجوز في كل شيء.

• عرف الشفعة؟

الشفعة شرعاً: هي انتزاع الشريك حصة شريكه ممن اشتراها منه بالثمن الذي استقر عليه العقد.

قال ابن قدامة: وَهِيَ اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ انْتِزَاعَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ الْمُنْتَقِلَةِ عَنْهُ مِنْ يَدِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ.

وقال في الفتح: وفي عُرف الشرع: انتقال حصة شريك إلى شريك، كانت انتقلت إلى أجنبي، بمثل العِوض المسمّى.

مثال الشفعة: زيد وعمرو شريكان في أرض، فباع عمرو نصيبه على خالد، فنقول لزيد أن ينتزع نصيب عمرو من خالد بالثمن الذي استقر عليه العقد.

• اذكر أدلة ثبوتها؟

قال ابن قدامة: وَهِيَ ثَابِتَةٌ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.

لحديث الباب.

قال ابن قدامة: أَمَّا الْإِجْمَاعُ، فَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إثْبَاتِ الشُّفْعَةِ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ، فِيمَا بِيعَ مِنْ أَرْضِ أَوْ دَارٍ أَوْ حَائِطٍ.

وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ، وَتَمَكَّنَ مِنْ بَيْعِهِ لِشَرِيكِهِ، وَتَخْلِيصِهِ مِمَّا كَانَ بِصَدَدِهِ مِنْ تَوَقُّعِ الْخَلَاصِ وَالِاسْتِخْلَاصِ، فَاَلَّذِي يَقْتَضِيه حُسْنُ الْعِشْرَةِ، أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ، لِيَصِلَ إلَى غَرَضِهِ مِنْ بَيْعِ نَصِيبِهِ، وَتَخْلِيصِ شَرِيكِهِ مِنْ الضَّرَرِ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، وَبَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ، سَلَّطَ الشَّرْعُ الشَّرِيكَ عَلَى صَرْفِ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ.

وقال في الفتح: ولم يختلف العلماء في مشروعيتها، إلا ما نُقل عن أبي بكر الأصم من إنكارها.

<<  <  ج: ص:  >  >>