وهذا المشهور من مذهب الحنابلة، وبه قال الليث بن سعد، والظاهرية.
أ-واستدلوا بأحاديث الباب، حيث إنها صريحة في حصر الجواز بالتمر دون غيره.
ب-أن الأصل يقتضي تحريم العرية، وإنما جازت في ثمرة النخيل رخصة، ولا يصح قياس غيرها عليها لوجهين:
الأول: أن غيرها لا يساويها في كثرة الاقتيات بها، وسهولة خرصها.
الثاني: أن القياس لا يعمل به إذا خالف نصاً.
القول الثاني: أنه عام في جميع الثمار.
فلو أن شخصاً عنده زبيب جاز أن يشتري به عنباً يتفكه به.
وهذا مذهب مالك، واختاره من الحنابلة أبو يعلى، وهو مذهب الأوزاعي، واختاره ابن تيمية.
واستدلوا بالقياس على النخل بجامع الحاجة في كلٍ والاقتيات، وهذا المعنى موجود في غير النخل، وعليه فلا يصح قصر الحكم على النخل.
القول الثالث: أنه يجوز في العنب وحده، فيباع العنب في الشجر بزبيب ....
وهو قول الشافعي، واختاره النووي.
قالوا: قياساً على التمر، بجامع أنه يخرص مثله وييبس ويقتات ويوسق ويحتاج لأكله كالتمر، أما غير العنب فليس كذلك.
والراجح: الله أعلم.
• ما حكم بيع الرطب على وجه الأرض بتمر كيلاً؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: أن البيع صحيح.
ونسبه النووي للجمهور.
القول الثاني: المنع.
واختاره ابن دقيق العيد.
• ماذا نستفيد من حل العرايا؟
نستفيد: أن ما حُرِّم تحريم وسائل فإنه يباح للحاجة.
وقد ذكر العلماء شرطاً لإباحة المحرم للحاجة، وهو:
أن يكون هذا المحرم محرماً تحريم الوسائل، لا المقاصد.
وذلك أن المحرمات نوعان:
الأول: محرم تحريم مقاصد، كأكل الميتة، وشرب الخمر، فهذا لا يباح للحاجة، وإنما يباح للضرورة.
والثاني: محرم تحريم وسائل، كلبس الحرير، وربا الفضل … فهذا يباح للحاجة.
قال أبو عبد الله الزركشي رحمه الله:
فالضرورة: بلوغه حدّاً إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب كالمضطر للأكل، واللبس بحيث لو بقي جائعاً أو عرياناً لمات، أو تلف منه عضو، وهذا يبيح تناول المحرم.
والحاجة: كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكل لم يهلك، غير أنه يكون في جهد ومشقة، وهذا لا يبيح المحرَّم.
"المنثور في القواعد" (٢/ ٣١٩).