د-ولأنه عبادة تصح في الليل، فلم يشترط له الصيام كالصلاة، ولأنه عبادة تصح في الليل، فأشبه سائر العبادات.
هـ-ولأن إيجاب الصوم حكم لا يثبت إلا بالشرع، ولم يصح فيه نص، ولا إجماع، فدل على أنه ليس بشرط لصحة الاعتكاف.
قال الشوكاني: استدل به على جواز الاعتكاف بغير صوم، لأن الليل ليس بوقت صوم.
وهذا القول هو الراجح.
• ما الجواب عن أدلة القول الأول؟
أما قوله تعالى ( … ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ).
فليس فيها ما يدلُّ على تلازمهما وإلا لكان لا صوم إلا باعتكاف، ولا قائل به.
وأما قول عائشة: (من السنة … ولا اعتكاف إلا بصوم).
قال البيهقي: قد ذهب كثيرٌ من الحفاظ إلى أنّ هذا الكلام من قول من دون عائشة، وأنّ من أدرجه في الحديث وهم فيه.
وقال أيضًا: قد أخرج البخاري ومسلم صدر هذا الحديث في الصحيح إلى قوله: «والسنة في المعتكف أن لا يخرج»، ولم يُخرجا الباقي؛ لاختلاف الحفاظ فيه: منهم من زعم أنه من قول عائشة، ومنهم من زعم أنه من قول الزهري، ويشبه أن يكون من قول مَنْ دون عائشة.
وقال ابن عبد البر: لم يَقل أحدٌ في حديث عائشة هذا «السنة» إلا عبد الرحمن بن إسحاق، ولا يصح الكلام عندهم إلا من قول الزهري، وبعضه من كلام عروة.
وأما ما روته عائشة مرفوعاً (لا اعتكاف إلا بصوم) رواه الدارقطني.
فهذا ضعيف لا يصح.
فيه سويْد بن عبد العزيز، قال ابن حجر: ضعيف جداً.
وأيضاً قد رواه غير واحد عن الزهري موقوفاً على عائشة.
قال البيهقي: رفعُه وهم، والصحيح موقوف.
أما حديث وأما قول عائشة (لا اعتكاف إلا بصوم)، فلا يصح مرفوعاً، وعلى فرض صحته فالمعنى أنه لا اعتكاف كامل إلا بصوم.
قال النووي: لو ثبت لوجب حمله على الاعتكاف الأكمل، جمعًا بين الأحاديث.
وقال ابن قدامة: ولو صحَّ فالمراد به الاستحباب، فإنّ الصوم فيه أفضل.