١٢٣٠ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَعَنَ اَللَّهُ السَّارِقَ؛ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا.
===
• بما استدل بعض العلماء بهذا الحديث؟
استدل به بعض الفقهاء من أهل الظاهر إلى أنه متى سرق السارق شيئًا قطعت يده به، سواء كان قليلاً أو كثيرًا.
ولعموم الآية (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) فلم يعتبروا نصابًا ولا حِرْزًا، بل أخذوا بمجرد السرقة.
• تقدم أنه يشترط للقطع النصاب، اذكر كلام العلماء في معنى حديث الباب؟
اختلف العلماء في معنى الحديث:
قال جماعة: المراد بها بيضة الحديد، وحبل السفينة، وكل واحد منهما يساوي أكثر من ربع دينار، وأنكره المحققون وضعفوه.
وقيل: المراد التنبيه على عظم ما خسر، وهي يده في مقابلة حقير من المال وهو ربع دينار، فإنه يشارك البيضة والحبل في الحقارة.
وقيل: أراد جنس البيض وجنس الحبل.
وقيل: إنه إذا سرق البيضة فلم تقطع جره ذلك إلى سرقة ما هو أكثر منها فقطع، فكانت سرقة البيضة هي سبب قطعه.
قال النووي: وَالصَّوَاب أَنَّ الْمُرَاد التَّنْبِيه عَلَى عَظِيم مَا خَسِرَ، وَهِيَ يَده فِي مُقَابَلَة حَقِير مِنْ الْمَال وَهُوَ رُبْع دِينَار، فَإِنَّهُ يُشَارِك الْبَيْضَة وَالْحَبْل فِي الْحَقَارَة، أَوْ أَرَادَ جِنْس الْبَيْض وَجِنْس الْحَبْل، أَوْ أَنَّهُ إِذَا سَرَقَ الْبَيْضَة فَلَمْ يُقْطَع جَرَّهُ ذَلِكَ إِلَى سَرِقَة مَا هُوَ أَكْثَر مِنْهَا فَقُطِعَ، فَكَانَتْ سَرِقَة الْبَيْضَة هِيَ سَبَب قَطْعه، أَوْ أَنَّ الْمُرَاد بِهِ قَدْ يَسْرِق الْبَيْضَة أَوْ الْحَبْل فَيَقْطَعهُ بَعْض الْوُلَاة سِيَاسَة لَا قَطْعًا جَائِزًا شَرْعًا، وَقِيلَ: إِنَّ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ هَذَا عِنْد نُزُول آيَة السَّرِقَة مُجْمَلَة مِنْ غَيْر بَيَان نِصَاب، فَقَالَهُ عَلَى ظَاهِر اللَّفْظ؛ وَاللَّهُ أَعْلَم.
وقال ابن كثير: وقد أجاب الجمهور عما تمسك به الظاهرية من حديث أبي هريرة (يَسْرقُ البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده) بأجوبة:
أحدها: أنه منسوخ بحديث عائشة، وفي هذا نظر؛ لأنه لا بد من بيان التاريخ.
والثاني: أنه مؤول ببيضة الحديد وحبل السفن، قاله الأعمش فيما حكاه البخاري وغيره عنه.
والثالث: أن هذا وسيلة إلى التدرج في السرقة من القليل إلى الكثير الذي تقطع فيه يده.
ويحتمل أن يكون هذا خرج مخرج الإخبار عما كان الأمر عليه في الجاهلية، حيث كانوا يقطعون في القليل والكثير، فلعن السارق الذي يبذل يده الثمينة في الأشياء المهينة. (تفسير ابن كثير).