للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٦٧٤ - وَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: - رُخِّصَ لِلشَّيْخِ اَلْكَبِيرِ أَنْ يُفْطِرَ، وَيُطْعِمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ - رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَاهُ.

===

• ما صحة هذا الأثر؟

هذا الأثر رواه الدارقطني من طريق خالد الحَذَّاء عن عكرمة عن ابن عباس.

قال الدارقطني: هذا إسناد صحيح، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط البخاري.

• ماذا نستفيد من هذا الأثر؟

أن الشيخ الهرم الذي لا يستطيع الصيام، فإنه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً، ولا قضاء عليه.

وقد سئل الشيخ ابن باز عن امرأة كبيرة السن ولا تطيق الصوم فماذا تفعل؟

عليها أن تطعم مسكيناً عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو غيرهما، ومقداره بالوزن كيلو ونصف على سبيل التقريب. كما أفتى بذلك جماعة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنهم ابن عباس -رضي الله عنه- وعنهم فإن كانت فقيرة لا تستطيع الإطعام فلا شيء عليها وهذه الكفارة يجوز دفعها لواحد أو أكثر في أول الشهر أو وسطه أو آخره، وبالله التوفيق اهـ.

وقال ابن كثير: فحاصل الأمر أن النسخ ثابت في حق الصحيح المقيم بإيجاب الصيام عليه بقوله: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) وأما الشيخ الفاني الهرم الذي لا يستطيع الصيام فله أن يفطر، ولا قضاء عليه، لأنه ليست له حال يصير إليها يتمكن فيها من القضاء، ولكن هل يجب عليه إذا أفطر أن يطعم عن كل يوم مسكيناً إذا كان ذا جدة؟ فيه قولان للعلماء:

أحدهما: لا يجب عليه إطعام، لأنه ضعيف عنه لسنه، فلم يجب عليه فدية كالصبي، لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وهو أحد قولي الشافعي - وهو قول مالك وأيده ابن حزم.

والثاني: وهو الصحيح، وعليه أكثر العلماء، أنه يجب عليه فدية عن كل يوم، كما فسره ابن عباس وغيره من السلف، على قراءة من قرأ: (وعلى الذين يطيقونه) - لعلها يطوقونه - أي يتجشمونه. كما قاله ابن مسعود وغيره وهو اختيار البخاري.

وقال ابن قدامة: الشَّيْخُ الْكَبِير وَالْعَجُوز إذَا كَانَ يُجْهِدُهُمَا الصَّوْمُ، وَيَشُقُّ عَلَيْهِمَا مَشَقَّةً شَدِيدَةً، فَلَهُمَا أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا … فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الإِطْعَامِ أَيْضًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَ (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا) … وَالْمَرِيضُ الَّذِي لا يُرْجَى بُرْؤُهُ، يُفْطِرُ، وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا; لأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّيْخ.

وفي الموسوعة الفقهية: اتَّفَقَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ يُصَارُ إلَى الْفِدْيَةِ فِي الصِّيَامِ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ إمْكَانِ قَضَاءِ الأَيَّامِ الَّتِي أَفْطَرَهَا لِشَيْخُوخَةٍ لا يَقْدِرُ مَعَهَا عَلَى الصِّيَامِ، أَوْ مَرَضٍ لا يُرْجَى بُرْؤُهُ، لقوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) وَالْمُرَادُ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِم الصِّيَامُ.

• ما الدليل على أنه إذا تعذر الصوم عُدل إلى الإطعام؟

الدليل: أن الله تعالى لما فرض الصيام أولاً جعل الإنسان مخير بين الصوم أو الإطعام، كما قال تعالى ( … أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) فدل على أن الإطعام معادل للصوم، فإذا تعذر الصوم رجع إلى معادله وهو الإطعام.

ومثله المريض الذي لا يرجى برؤه.

• ما كيفية الإطعام؟

أ-أن يدعو مساكين بعدد الأيام في آخر الشهر للغداء إن كان بعد رمضان أو على العشاء فيعشيهم.

ب-أو أن يوزع طعاماً ويعتني بطبخه ويجعل معه أدم.

ويجب أن يطعم عن كل يوم مسكيناً لا أن يطعم طعام ثلاثين مسكيناً.

فلو قال: سأخرج طعاماً يكفي ثلاثين مسكيناً لستة فقراء، لا يجزئ.

• ما حكم الشيخ الكبير الهرم الذي سقط تمييزه؟

ليس عليه صيام ولا قضاء، لسقوط التكليف عنه.

• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟

- أن الصوم لا يجب إلا على القادر.

- يلحق بالشيخ الكبير كل من كان عجزه مستمراً لا يرجى زواله كالمريض مرضاً لا يرجى برؤه، لاشتراكهما في العلة (وهي عدم الإطاقة على الصوم).

<<  <  ج: ص:  >  >>