للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٨٤٦ - وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ (لَعَنَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اَلرَّاشِي وَالْمُرْتَشِيَ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

===

(الراشي) هو دافع الرشوة.

(والمرتشي) هو آخذها.

• عرف الرشوة؟

الرشوة: هي ما يدفع من مال ونحوه كمنفعة، ليتوصل به إلى ما لا يحل.

قال ابن حجر: الرشوة: بضم الراء وكسرها ويجوز الفتح وهي ما يؤخذ بغير عوض ويعاب أخذه.

وقال ابن العربي: الرشوة كل مال دفع ليبتاع به من ذي جاه عوناً على ما لا يحل، والمرتشي قابضه، والراشي معطيه والرائش الواسطة. (الفتح).

وقال الصنعاني: والراشي هو الذي يبذل المال ليتوصل به إلى الباطل، مأخوذ من الرشا وهو الحبل الذي يتوصل به إلى الماء في البئر.

وقال أيضاً: وفي النهاية لابن الأثير قال: الراشي من يعطي الذي يعينه على الباطل والمرتشي الآخذ والرائش هو الذي يمشي بينهما وهو السفير بين الدافع والآخذ، وإن لم يأخذ على سفارته أجراً فإن أخذ فهو أبلغ (أي بالإثم والحرمة). (سبل السلام)

• ما حكم الرشوة؟

حرام وكبيرة من كبائر الذنوب.

أ- لحديث الباب.

ب-ولحديث ثوبان -رضي الله عنه- قال (لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي والرائش يعني الذي يمشي بينهما) رواه أحمد، وهو ضعيف بهذه الزيادة.

ج-وقال تعالى (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْت) قال الحسن وسعيد بن جبير: هو الرشوة.

د-وقوله تعالى (وَلَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون).

• قال الشيخ ابن عثيمين: وهي محرمة لما يلي:

أولاً: للحديث الصحيح: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعن الراشي والمرتشي، واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، وهذا يقتضي أن تكون الرشوة من كبائر الذنوب.

ثانياً: أن فيها فساد الخلق؛ فإن الناس إذا كانوا يُحكم لهم بحسب الرشوة فسد الناس، وصاروا يتباهون فيها أيهم أكثر رشوة، فإذا كان الخصم إذا أعطى ألفاً حكم له، وإذا أعطى ثمانمائة لم يحكم له، فسيعطي ألفاً، وإذا ظن أن خصمه سيعطي ألفاً أعطى ألفين، وهكذا فيفسد الناس.

ثالثاً: أنها سبب لتغيير حكم الله عزّ وجل؛ لأنه بطبيعة الحال النفس حيّافة ميّالة، تميل إلى من أحسن إليها، فإذا أعطي القاضي رشوة حكم بغير ما أنزل الله، فكان في هذا تغيير لحكم الله ـ عزّ وجل ـ.

رابعاً: أن فيها ظلماً وجَوراً؛ لأنه إذا حكم للراشي على خصمه بغير حق فقد ظلم الخصم، ولا شك أن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأن الجور من أسباب البلايا العامة، كالقحط وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>