وقال تعالى عن داود عليه السلام (وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ).
وقال عن يونس عليه السلام (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).
ولما أرادت بلقيس أن تتوب قالت (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
وفي صحيح مسلم لما جاء ماعز بن مالك تائباً إلى نبينا -صلى الله عليه وسلم- قال له: "يا رسول الله إني قد ظلمت نفسي وزنيت، وإني أريد أن تطهرني.
[هل يشرع الدعاء بالمغفرة؟]
نعم.
لقوله (فاغفر لي).
قال سبحانه (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً).
وقال -صلى الله عليه وسلم- (أني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة) رواه مسلم.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة) رواه البخاري.
والاستغفار يكون على وجهين:
الوجه الأول: طلب المغفرة بلفظ: اللهم اغفر لي، أو أستغفر الله.
الوجه الثاني: طلب المغفرة بالأعمال الصالحة التي تكون سبباً لذلك.
ماذا نستفيد من قوله (أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي)؟
نستفيد أن يكون الإنسان الاعتراف بالنعمة، ومشاهدة عيبه ونقصه.
قال ابن القيم: قال شيخ الإسلام: العارف يسير إلى الله بين مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس والعمل.
وهذا معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح (سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).
فجمع في قوله -صلى الله عليه وسلم- (أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي) مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس والعمل.
فمشاهدة المنة توجب له المحبة والحمد والشكر لولي النعم والإحسان، ومطالعة عيب النفس والعمل توجب له الذل والانكسار والافتقار والتوبة في كل وقت، وأن لا يرى نفسه إلا مفلساً. (الوابل الصيب)