القول الثاني: لا يجوز لصاحب الحق أن يطالب الضامن إلا إذا تعذر مطالبة المضمون عنه.
وهذا القول هو الصحيح.
وقوى هذا القول ابن القيم، واختاره الشيخ السعدي رحمه الله.
أ-لأن الضامن محسن وقد قال الله تعالى (ما على المحسنين من سبيل) فليس لنا عليه من سبيل وهو محسن إلا أن يتعذر الحق.
ب-ولأن المضمون أصل والضامن فرع، وإذا أمكن الرجوع إلى الأصل فإنه يُستغنى به عن الفرع.
ج- ولأنه من المستقبح أن يطالب الضامن بالحق الذي هو على غيره مع القدرة على استيفاء الحق ممن هو عليه.
• هل يجوز أخذ أجرة على الضمان؟
مثال: ذهبت إلى زيد وقلت له: أريدك أن تضمنني عند فلان؟ فقال زيد: لا مانع عندي، لكن اضمنك بألف ريال.
الجواب: لا يجوز أخذ الأجر على الضمان لأمرين:
الأمر الأول: أن الضمان من باب الإحسان والمعروف الذي يُبذل ابتغاء وجه الله.
الأمر الثاني: أن أخْذ العوض يستلزم أن يربح فيما إذا وفىّ عن المضمون عنه ثم أخذ الحق منه، فيصير كالقرض الذي جر نفعاً.
• متى يبرأ الضامن؟
أولاً: إن قام المضمون عنه بما التزمَ به من حق. (فهنا يبرأ الضامن).
ثانياً: إذا أبرأه صاحب الحق، واسقط عنه الديْن، لأن الضامن تابع وفرع، وإذا برأ الأصل برأ الفرع.
أي: إذا أبرأ صاحب الحق (وهو المضمون له) أبرأ الضامن فهنا يبرأ الضامن ويبقى الحق على المضمون.
كأن يقول التاجر: أبرأتك يا ضامن، واكتفي بصاحب الحق.
لأنه أبرأه من الضمان فقط (يعني من الوثيقة) أما الدين فهو متعلق بصاحب الحق
ثالثاً: إذا برئ الأصيل.
أي: إذا أبرأ التاجر المضمون عنه (وهو من عليه الحق) فإنه ذمة الضامن تبرأ.
لأنه إذا برئت ذمة المضمون عنه لم يبق هناك شيء يضمن، ولأنه إذا برى الأصل برأ الفرع.
- لكن لو أبرأ الضامن فإنه لا يبرأ المضمون عنه، لأن الأصل لا يبرأ ببراءة التبع.
- والقاعدة: إذا برئ الأصل برئ الفرع لا العكس.
• ما الحكم إذا استوفى المضمون له من الضامن، فهل يرجع عليه أم لا؟
هذه المسألة له أحوال:
أولاً: إذا نوى الرجوع فإنه يرجع.
ثانياً: إذا نوى التبرع (يعني أداه بنية أنه متبرعاً عنه) فهذا لا يرجع، قال في الإنصاف: بلا نزاع، لأنه متطوع بذلك فأشبه الصدقة.
ثالثاً: أن يقضي عنه ولم ينو تبرعاً ولا رجوعاً، بل ذَهَل عن قصد الرجوع وعدمه، فالراجح أنه يرجع.