ج-ولحديث عبد الله بن مغفل (أنه صلى مع ابنه فجهر بـ بسم الله الرحمن الرحيم، فلما فرغ من صلاته قال له أبوه، وهو عبد الله بن مغفل: يا بني، إياك والحدث في الدين، فإني صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر، فلم يكونوا يجهرون بـ: بسم الله الرحمن الرحيم). رواه الترمذي
د-أن البسملة تقاس على التعوذ، لم يثبت أنه كان -صلى الله عليه وسلم- يتعوذ جهراً، بل قال ابن قدامة: يُسَرُّ التعوذ، لا أعلم فيه خلافاً.
القول الثاني: أن المستحب الجهر بها.
وهذا مذهب الشافعي.
أ-لحديث الباب - حديث نعيم المجمر - قال ابن حجر: هو أصح حديث ورد في الباب.
ونقل النووي في المجموع تصحيحه وثبوته عن الدار قطني، وابن خزيمة، والحاكم، والبيهقي.
ب-ولحديث ابن عباس قال (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم) رواه الحاكم وهوضعيف.
ج-وعن أم سلمة: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقطع قراءته يقول: بسم الله الرحمن الرحيم - ثم يسكت - الحمد لله رب العالمين) رواه الحاكم.
والصحيح القول الأول، لكن لا بأس أن يجهر بها أحياناً.
قال ابن القيم: كان يجهر بـ: بسم الله الرحمن الرحيم، تارة ويخفيها تارة أكثر مما يجهر بها، ولا ريب أنه لم يكن يجهر بها دائماً في كل يوم وليلة خمس مرات حضراً وسفراً، ويخفى ذلك على خلفائه الراشدين وعلى جمهور أصحابه أهل بلده في الأعصار الفاضلة، هذا من أمحل المحال.
قال ابن تيمية: المداومة على الجهر بها بدعة مخالفة لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والأحاديث المصرحة في الجهر كلها موضوعة.
• ما الجواب عن حديث نعيْم المجمر عن أبي هريرة؟
وأما حديث نعيم المجمر عن أبي هريرة (أنه قرأ ببسم الله الرحمن الرحيم) يحتمل أموراً:
أ-قيل: أن لفظة (بسم الله الرحمن الرحيم) شاذة.
ب-وقيل: إن الحديث ليس صريحاً بالجهر، لأنه قال (قرأ … ) فقد يكون جهر أحياناً، فإن الإمام لا بأس أن يجهر بالقراءة أحياناً.
ج-وقيل: أنه لو فرض أنه جهر، فإن هذه ليست عادته الدائمة، وإنما جهر ليعلم الناس شرعيتها بالصلاة، ولهذا أقسم في آخر الحديث أنه أشبه الناس صلاة بصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فائدة: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومع هذا: فالصواب: أن ما لا يُجهر به، قد يشرع الجهر به لمصلحة راجحة، فيشرع للإمام - أحيانا - لمثل تعليم المأمومين، ويسوغ للمصلين أن يجهروا بالكلمات اليسيرة أحيانا، ويسوغ أيضا أن يترك الإنسان الأفضل لتأليف القلوب واجتماع الكلمة، خوفاً من التنفير عما يصلح، كما ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- بناء البيت على قواعد إبراهيم؛ لكون قريش كانوا حديثي عهد بالجاهلية، وخشي تنفيرهم بذلك، ورأى أن مصلحة الاجتماع والائتلاف مقدمة على مصلحة البناء على قواعد إبراهيم، وقال ابن مسعود، لما أكمل الصلاة خلف عثمان وأنكر عليه، فقيل له في ذلك، فقال: " الخلاف شر "؛ ولهذا نص الأئمة كأحمد وغيره على ذلك بالبسملة، وفي وصل الوتر، وغير ذلك مما فيه العدول عن الأفضل إلى الجائز المفضول؛ مراعاة ائتلاف المأمومين أو لتعريفهم السنَّة وأمثال ذلك.