للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال رحمه الله: وَلَمْ يَأْتِ الْحُزْنُ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا مَنْهِيًّا عَنْهُ، أَوْ مَنْفِيًّا.

فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا) وَقَوْلِهِ (وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَقَوْلِهِ (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) وَالْمَنْفِيُّ كَقَوْلِهِ: {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)

وَسِرُّ ذَلِكَ أَنَّ الْحُزْنَ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْقَلْبِ، وَأَحَبُّ شَيْءٍ إِلَى الشَّيْطَانِ أَنْ يَحْزَنَ الْعَبْدُ لِيَقْطَعَهُ عَنْ سَيْرِهِ، وَيُوقِفَهُ عَنْ سُلُوكِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّلَاثَةَ أَنْ يَتَنَاجَى اثْنَانِ مِنْهُمْ دُونَ الثَّالِثِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ. فَالْحُزْنُ لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ، وَلَا مَقْصُودٍ، وَلَا فِيهِ فَائِدَةٌ، وَقَدِ اسْتَعَاذَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ» فَهُوَ قَرِينُ الْهَمِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَكْرُوهَ الَّذِي يَرِدُ عَلَى الْقَلْبِ، إِنْ كَانَ لِمَا يُسْتَقْبَلُ أَوْرَثَهُ الْهَمَّ، وَإِنْ كَانَ لِمَا مَضَى أَوْرَثَهُ الْحُزْنَ، وَكِلَاهُمَا مُضْعِفٌ لِلْقَلْبِ عَنِ السَّيْرِ، مُقَتِّرٌ لِلْعَزْمِ. (مدارج).

ونستفيد أن من أعظم مقاصد الشريعة إسعاد المؤمن.

[ما فائدة قرن الحكم بعلته؟]

فائدة قرن الحكم بالعلة ثلاثة:

أولاً: بيان أن الشريعة سامية عالية، فما تحكم بشيء إلا وله حكمه.

ثانياً: اقتناع النفوس بالحكم، لأن النفس إذا علمت علة الحكم اطمأنت، وإن كان المؤمن سيطمئن على كل حال لكن هذه زيادة طمأنينة.

ثالثاً: شمول الحكم بشمول هذه العلة، بمعنى أن ما ثبت فيه هذه العلة ثبت له هذا الحكم المعلل. [قاله الشيخ ابن عثيمين].

[اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟]

- حرص الإسلام على الآداب الإسلامية.

- شمول الإسلام بتوجيهاته وتنظيماته كل جوانب الحياة.

- الحكمة من النهي ذكرت في نفس الحديث: أن ذلك يحزنه ويظهر الشك فيه.

- هذا الحكم في التناجي في الخير، أما التناجي بالشر فحرام وإن لم يكن معهما ثالث قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول).

- قطع الإسلام لكل سبب ربما يوجد التباغض والتحاسد بين الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>