للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٨١٥ - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَال (غَلَا اَلسِّعْرُ بِالْمَدِينَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ اَلنَّاسُ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! غَلَا اَلسِّعْرُ، فَسَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِنَّ اَللَّهَ هُوَ اَلْمُسَعِّرُ، اَلْقَابِضُ، اَلْبَاسِطُ، الرَّازِقُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اَللَّهَ تَعَالَى، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ.

===

(غَلَا اَلسِّعْرُ بِالْمَدِينَةِ) أي: ارتفع الثمن على غير المعتاد.

(فَسَعِّرْ لَنَا) التسعير: تحديد أثمان الأشياء.

• عرف التسعير؟

التسعير: هو إلزام ولي الأمر - أو من يقوم مقامه - الناس بثمن معين لا يتبايعون إلا به فيمنعون من الزيادة عليه أو النقص عنه عند الضرورة في الطعام وغيره مما يحتاج الناس إليه بحيث يراعي حق الطرفين بالعدل للمصلحة العامة.

• ما حكم التسعير؟ (في الأحوال العادية التي لا غلاء فيها).

فقد ذهب جمهور العلماء من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة إلى أن الأصل عدم جواز التسعير في هذه الحالة.

أ-لقول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم).

وجه الدلالة: أن الله تعالى جعل التراضي شرطًا لإباحة التجارات، والتسعير في الأحوال العادية التي لا غلاء فيها يفوت ذلك، إذ إنه يتضمن إلزام أصحاب السلع والخدمات أن يبيعوا بما لا يرضون.

وأيضاً: هذه الآية أنها تفيد إطلاق الحرية للبائع، والتسعير حجر عليه وإلزام له بصفة معينة في البيع؛ إذ قد لا يكون راضياً به فيكون كالأكل بالباطل الذي نهت الآية الكريمة عنه.

ب- حديث الباب.

ج- ولحديث أبي هريرة قال (جاء رجل فقال: يا رسول الله سعر. فقال: بل أدعو الله، ثم جاء رجل آخر فقال: يا رسول الله سعر. فقال: بل الله يخفض ويرفع) رواه أبو داود.

ووجه الدلالة من هذين الحديثين: أنهما يدلان على تحريم التسعير، ويتضح ذلك من وجهين:

أولهما: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- امتنع عن التسعير مع أن الصحابة طلبوا منه ذلك وتكرر الطلب منهم ومع ذلك لم يسعر، فلو كان التسعير جائزا لأجابهم إلى طلبهم. وعلى هذا يكون التسعير غير جائز.

ثانيهما: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- علل امتناعه عن التسعير بأنه ظلم، والظلم حرام. وعلى هذا يكون التسعير حراماً.

• ما حكم التسعير إذا غلا السعر؟

اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: أنه لا يجوز.

وهذا مذهب الشافعية، والحنابلة واختاره الشوكاني.

واستدلوا بالأدلة السابقة التي تدل على تحريم التسعير.

<<  <  ج: ص:  >  >>