للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القول الثاني: يجوز عند الحاجة.

وهذا مذهب الحنفية، والمالكية، واختاره ابن تيمية.

رأي شيخ الإسلام ابن تيمية: قال: السعر منه ما هو ظلم لا يجوز ومنه ما هو عدل جائز، فإذا تضمن ظلم الناس وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه، أو منعهم مما أباحه الله لهم فهو حرام، وإذا تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ زيادة على عوض المثل فهو جائز بل واجب.

فأما الأول: فمثل ما روى أنس قال: «غلا السعر على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: يا رسول الله لو سعرت؟ فقال: إن الله هو القابض الباسط الرازق المسعر، وإني لأرجو أن ألقى الله ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال». رواه أبو داود وصححه.

فإذا كان الناس يبيعون سلعهم على الوجه المعروف من غير ظلم منهم، وقد ارتفع السعر إما لقلة الشيء وإما لكثرة الخلق، فهذا إلى الله، فإلزام الخلق أن يبيعوا بقيمة بعينها إكراه بغير حق.

وأما الثاني: فمثل أن يمتنع أرباب السلع من بيعها - مع ضرورة الناس إليها - إلا بزيادة على القيمة المعروفة، فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل، ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل، فيجب أن يلتزموا بما ألزمهم الله به.

فشيخ الإسلام ابن تيمية لا يرى الأخذ بالتسعير مطلقاً وفي كل الأحوال، وإنما يفرق بين حالتين:

الأولى: حالة ما إذا كان الغلاء ناتجاً عن قلة العرض وكثرة الطلب دون أن يكون للتجار دخل في ذلك، فهنا لا يرى الأخذ بالتسعير بل يراه ضرباً من ضروب الظلم والعدوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>