بَابُ الْحَوَالَةِ وَالضَّمَانِ
٨٧٧ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَطْلُ اَلْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعُ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ (فَلْيَحْتَلْ).
===
(وَإِذَا أُتْبِعُ أَحَدُكُمْ) أي: أحِيل.
(عَلَى مَلِيٍّ) أي: قادر على الوفاء كما سبأتي إن شاء الله.
(فَلْيَتْبَعْ) أي: فليتحول، كما في رواية أحمد (فليحتل).
• ما معنى قوله (مَطْلُ اَلْغَنِيِّ ظُلْمٌ)؟
(مَطْلُ) المطل: المنع، يعني منع ما يجب على الإنسان دفعه من دين. (اَلْغَنِيِّ) القادر على السداد.
(ظُلْمٌ) الظلم شرعاً: نقص كل حق حقه.
ففيه دليل على تحريم المماطلة بالحق، لقوله (ظلم) فإذا كان ظلم وجب أن يزال، فإن أبى حبس بطلب صاحب الدين لأن الحق له.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته) رواه أبوداود.
(لي) يعني مطل. (الواجد) القادر على الوفاء.
(عرضه) أي لصاحب الدين أن يذمه ويصفه بسوء القضاء. (عقوبته) حبسه.
مفهوم الحديث أن مطل غير الغني (العاجز) ليس بظلم. (وقد تقدم شرحه).
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد: جواز الحوالة.
والحوالة ثابتة بالسنة والإجماع.
لحديث الباب.
قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على جواز الحوالة في الجملة.
وقال النووي: أصلها مجمع عليه.
• عرف الحوالة؟
الحوالة: هي نقل الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه.
مثال: زيد يطلب عمر مائة ريال، وعمر يطلب خالد مائة ريال، فجاء زيد إلى عمر وقال أعطني حقي فقال عمر: إن لي حقاً عند خالد هو مائة درهم وقد أحلتك عليه.
إذاً تحول الحق من ذمة عمر إلى ذمة خالد.
- والحوالة من عقود الإرفاق، فيها إرفاق للطالب والمطلوب، أما الطالب فوجه الإرفاق في حقه أنه ربما يكون المطلوب ذا صلة بالطالب بقرابة أو غيره فيشق عليه أن يطالبه، فيحيل المطلوب على الثالث فيكون إرفاقاً بالمحيل {الطالب}.
أما بالنسبة للمطلوب فلأن الطالب قد يكون سيء المعاملة بالنسبة للمطلوب يضايقه ويكثر الترداد عليه فيتخلص منه بالتحويل إلى ذمة الآخر فيكون إرفاقاً بالمطلوب.