للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصورة الثالثة: أن يكون اشتراط الوفاء في غير بلد القرض لمنفعة المقرض والمقترض معاً.

وهذه محل خلاف بين العلماء:

فقيل: يكره.

وقيل: يحرم.

وقيل: يجوز، وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم.

وقيل: لا يجوز اشتراط الوفاء في غير بلد القرض إذا كان لحمل مال الوفاء مؤنة، ويجوز اشتراط الوفاء في غير بلد القرض إذا لم يكن لحمل الوفاء مؤنة. واختاره ابن قدامة.

• ما الحكم لو اشترط عقداً آخر مع القرض كالبيع والإجارة (كأن يقول: أقرضك ألفاً على أن تبيع عليّ بيتك)؟

حرام.

أ-لحديث (لا يحل سلف ولا بيع) وقد تقدم الحديث وشرحه.

ومعنى السلف في الحديث القرض.

ب- أن اشتراط عقد البيع في عقد القرض ذريعة إلى الزيادة في القرض، لأنه ربما يحابيه في الثمن من أجل القرض، فيكون القرض جاراً لمنفعة مشروطة فيكون ربا.

قال ابن القيم: وحرم الجمع بين السلف والبيع، لما فيه من الذريعة إلى الربح في السلف، بأخذ أكثر مما أعطى، والتوسل إلى ذلك بالبيع أو الإجارة كما هو الواقع.

ج- أن اشتراط عقد البيع في عقد القرض يخرج القرض عن موضوعه وهو الإرفاق.

• ما الحكم لو قال المقرض للمقترض: أقرضك كذا بشرط أن تقرضني بعد ذلك غيره؟

حرام.

لأن هذا الاشتراط يجر منفعة للمقرض، وقد تقدم أن كل قرض يجر منفعة مشروطة للمقرض فهو حرام.

والمنفعة في هذا الاشتراط، أن المقرض ينتفع بالقرض الثاني من المقترض.

• ما حكم بذل المقترض للمقرض منفعة غير مشروطة أثناء مدة القرض (قبل الوفاء) كهدية؟

الصحيح: إن أهدى المقترض هدية للمقرض فإن كانت بعد الوفاء فجائز، وإن كانت قبل الوفاء فلا يجوز إلا أن تكون قد جرت العادة بينهما بمثل هذا، فكان بينهما تهاد قبل الاستقراض، لأن جريان العادة بذلك بينهما قرينة ظاهرة على أنه لم يرد مجازاته على قرضه.

وعلى هذا، فلا يجوز للمقترض أن يعد المقرض بأن يعطيه هدية عند الوفاء، وله أن يعطيه ذلك إذا كان بدون اتفاق سابق.

أما إذا كان هذا الشخص لم تجر العادة بأن يهدي لك فلا يجوز لك قبولها لأنها قد تكون بسبب القرض، فإذا قبلتها تكون قد وقعت في الربا لأن القاعدة في القرض أن "كل قرض جَرَّ نفعاً فهو ربا" وهذا القرض قد جر لك نفعاً.

وأيضاً: لأنه قد يكون دفعها إليك حتى تؤجل مطالبته بالدَّيْن، وهذا أيضاً من الربا.

وقد دل على ذلك ما رواه ابن ماجه عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ. قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا فَأَهْدَى لَهُ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ فَلا يَرْكَبْهَا وَلا يَقْبَلْهُ، إِلا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ). حسنه شيخ الإسلام ابن تيمية.

وقد ورد هذا المعنى عن جماعة من الصحابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>