وكان الناس يشربونها حين هاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة فكثر سؤال الناس عن حكمها.
فأنزل الله- سبحانه وتعالى - قوله تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِنْ نَّفْعِهِمَا).
ثم جاءت المرحلة الثانية فحرم شربها عن الدخول في الصلاة.
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَقْرَبُواْ الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ).
ثم جاءت المرحلة الثالثة والقاطعة وفيها نزل حكم الله - سبحانه وتعالى - بتحريم الخمر نهائياً فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ قَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً، فَنَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ) الآيَةَ، قَالَ: فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً، فَنَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) فَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ يُنَادِي: أَلَا لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سَكْرَانُ، فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) قَالَ عُمَرُ: انْتَهَيْنَا.
• متى حرمت الخمر؟
اختلف العلماء رحمهم الله في تحديد السنة التي حرمت فيها الخمر.
فقيل: في السنة الثالثة بعد غزوة أحد.
وهذا القول هو أشهر أقوال أهل العلم في المسألة.
وقيل: عام الفتح في السنة الثامنة. وقيل: غير ذلك من الأقوال.
قال القرطبي رحمه الله: وَأَمَّا الْخَمْرُ فَكَانَتْ لَمْ تُحَرَّمْ بَعْدُ، وَإِنَّمَا نَزَلَ تَحْرِيمُهَا فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ بَعْدَ وَقْعَةِ أُحُدٍ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ أُحُدٍ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنَ الهجرة. (تفسير القرطبي).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وكان تحريمها [يعني: الخمر] بعد غزوة أحد في السنة الثالثة من الهجرة … ".
انتهى. (مجموع الفتاوى).
وقال ابن عاشور: والمشهور: أن الخمر حرمت سنة ثلاث من الهجرة بعد وقعة أحد.