للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٢٠٩ - وَعَنْ عُمَرَ بْنِ اَلْخَطَّابِ -رضي الله عنه- (أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: إِنَّ اَللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ اَلْكِتَابَ، فَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَيْهِ آيَةُ اَلرَّجْمِ. قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا، فَرَجَمَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ اَلرَّجْمَ فِي كِتَابِ اَللَّهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اَللَّهُ، وَإِنَّ اَلرَّجْمَ حَقٌّ فِي كِتَابِ اَللَّهِ عَلَى مَنْ زَنَى، إِذَا أُحْصِنَ مِنْ اَلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتْ اَلْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ اَلْحَبَلُ، أَوْ اَلِاعْتِرَافُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

===

(أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: إِنَّ اَللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ) قدم عمر هذا الكلام قبل ما أراد أن يقوله توطئة له، ليتيقظ السامع لما يقول.

(وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ اَلْكِتَابَ، فَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَيْهِ آيَةُ اَلرَّجْمِ) وهي كما ذكره بعض العلماء (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة).

(قَرَأْنَاهَا) أي: تلوناها.

(وَوَعَيْنَاهَا) أي: حفظناها.

(وَعَقَلْنَاهَا) أي: تدبرناها.

(وَإِنَّ اَلرَّجْمَ حَقٌّ فِي كِتَابِ اَللَّهِ) أي: في قوله تعالى (أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) فبيّن النبي أن المراد به رجم الثيب وجلد البكر. قاله في الفتح.

(إِذَا قَامَتْ اَلْبَيِّنَةُ) قال القرطبي: يعني بالبينة، الأربعة الشهداء العدول.

(أَوْ كَانَ اَلْحَبَلُ) أي: وجدت المرأة الخلية من زوج أو سيد حبلى، ولم تذكر شبهة ولا إكراهاً.

أَوْ اَلِاعْتِرَافُ) أي: الإقرار بالزنا.

• هل يقام الحد بالقرينة الظاهرة (الحمل)؟

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: إقامة حد الزنا بالحبل بشرط أن لا تدع شبهة موجبة لدرء الحد كدعوى أنها مكرهة.

وهذا قول عمر، وهو مذهب مالك.

لقول عمر (وَإِنَّ اَلرَّجْمَ حَقٌّ فِي كِتَابِ اَللَّهِ عَلَى مَنْ زَنَى، إِذَا أُحْصِنَ مِنْ اَلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتْ اَلْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ اَلْحَبَلُ).

فجعل عمر مجرد وجود الحمل موجباً لإقامة حد الزنا كإيجابه بالبينة أو الاعتراف.

قال ابن القيم: وقد حكم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب والصحابة معه برجم المرأة التي ظهر بها حمل ولا زوج لها ولا سيد.

ولأن وجود الحمل أمارة ظاهرة على الزنا أظهر من دلالة البينة، وما يتطرق إلى دلالة الحمل يتطرق مثله إلى دلالة البينة وأكثر.

القول الثاني: أنها لا تحد بمجرد الحبل.

وهذا مذهب الحنفية، والشافعية، ورجحه الشوكاني.

لحديث (ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعاً) رواه ابن ماجه.

قالوا: والشبهة هنا متحققة من وجوه متعددة:

فيحتمل أنه من وطء إكراه، والمستكرهة لا حد عليها.

ويحتمل أنه من وطء رجل واقعها في نوم وهي ثقيلة النوم.

ويحتمل أنه من وطء شبهة.

ويحتمل أنه حصل الحبل بإدخال ماء الرجل في فرجها إما بفعلها أو بفعل غيرها.

والراجح القول الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>