١٤١٨ - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ (دَخَلَ عَلَيَّ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ مَسْرُورًا، تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ، فَقَالَ: «أَلَمْ تَرَيْ إِلَى مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ نَظَرَ آنِفًا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَقَالَ: هَذِهِ أَقْدَامٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
===
(مسروراً) أي فرحاً.
(تبرق) بفتح التاء وضم الراء، أي تضيء وتستنير من السرور.
(أسارير) أي الخطوط التي في الجبهة.
(مُجَزِّرَاً) بضم الميم، ثم جيم مفتوحة، ثم زاي مشددة، وهو من بني مدلج، بضم الميم وإسكان الدال وكسر اللام. قال العلماء: وكانت القيافة فيهم وفي بني أسد تعترف لهم العرب بذلك.
(نظر أنفاً) أي قريباً.
(هَذِهِ أَقْدَامٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ) وفي رواية (يَا عَائِشَةُ أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَىَّ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ) وعند مسلم (كَانَ مُجَزِّزٌ قَائِفًا).
-ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد العمل بقول القائف في إلحاق النسب، بشرط عدم ما هو أقوى منه كالفراش.
وجه الدلالة: إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا القائف على قوله (هذه أقدام بعضها من بعض) وسروره بذلك، ولا يسر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا بحق، والإقرار حجة شرعية.
وهذا قول جماهير العلماء. (العمل بقول القائف).
ومن الأدلة اشتهار العمل بها عن عمر وعلي.
[ما يشترط في القائف]
أن يكون عدلاً.
قال النووي: واتفق القائلون بالقائف على أنه يشترط فيه العدالة ".
أن يكون خبيراً بهذا مجرباً.
قال النووي: واتفقوا على أنه يشترط أن يكون خبيراً بهذا مجرباً.
واختلف هل يكتفى فيه بواحد:
فقيل: يكفي واحد. لحديث الباب.
وقيل: يشترط اثنان. والأول أصح.
قال ابن قدامة: وَالْقَافَةُ قَوْمٌ يَعْرِفُونَ الْإِنْسَانَ بِالشَّبَهِ، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِقَبِيلَةٍ مُعَيَّنَةٍ، بَلْ مَنْ عُرِفَ مِنْهُ الْمَعْرِفَةُ بِذَلِكَ، وَتَكَرَّرَتْ مِنْهُ الْإِصَابَةُ، فَهُوَ قَائِفٌ.
وَقِيلَ: أَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي بَنِي مُدْلِجٍ رَهْطِ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِي الَّذِي رَأَى أُسَامَةَ وَأَبَاهُ زَيْدًا قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا، وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ.
وَكَانَ إيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيّ قَائِفًا، وَكَذَلِكَ قِيلَ فِي شُرَيْحٍ.
وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَائِفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا، عَدْلًا، مُجَرَّبًا فِي الْإِصَابَةِ، حُرًّا.
لِأَنَّ قَوْلَهُ حُكْمٌ، وَالْحَكَمُ تُعْتَبَرُ لَهُ هَذِهِ الشُّرُوطُ. (المغني)
[ما سبب فرح النبي -صلى الله عليه وسلم-]
قال النووي: وكانت الجاهلية تقدح في نسب أسامة لكونه أسود وشديد السواد، وكان زيد أبيض، فلما قضى هذا القائف نسبه مع اختلاف اللون، وكانت الجاهلية تعتمد قول القائف، فرح النبي -صلى الله عليه وسلم- لكونه زاجراً لهم عن الطعن في النسب.