للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١١٥٦ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ، فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.

===

• ماذا نستفيد من الحديث؟

• نستفيد: الحث على مكارم الأخلاق، ومشاركة الخادم بالطعام.

وقد جاء في لفظ للحديث (إِذَا صَنَعَ لِأَحَدِكُمْ خَادِمه طَعَامه ثُمَّ جَاءَهُ بِهِ، وَقَدْ وَلِيَ حَرّه وَدُخَانه فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ فَلْيَأْكُلْ، فَإِنْ كَانَ الطَّعَام مَشْفُوهاً قَلِيلًا فَلْيَضَعْ فِي يَده مِنْهُ أُكْلَة أَوْ أُكْلَتَيْن).

(إِذَا صَنَعَ) أي: طبخ. (خَادِمه طَعَامه) أي: عبده أو أمته (وَقَدْ وَلِيَ) أي: والحال أنه قد تولى.

(حَرّه) أي: ناره أو تعبه وَدُخَانه فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ فَلْيَأْكُلْ، فَإِنْ كَانَ الطَّعَام مَشْفُوهاً قَلِيلًا فَلْيَضَعْ فِي يَده مِنْهُ أُكْلَة أَوْ أُكْلَتَيْن.

قَالَ دَاوُدُ: يَعْنِي لُقْمَة أَوْ لُقْمَتَيْنِ. أَمَّا الْأُكْلَة فَبِضَمِّ الْهَمْزَة وَهِيَ اللُّقْمَة، كَمَا فَسَّرَهُ، وَأَمَّا الْمَشْفُوه فَهُوَ الْقَلِيل؛ لِأَنَّ الشِّفَاه كَثُرَتْ عَلَيْهِ حَتَّى صَارَ قَلِيلًا.

قَوْله -صلى الله عليه وسلم- (مَشْفُوهًا قَلِيلًا) أَيْ: قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ اِجْتَمَعَ عَلَيْهِ.

وَفِي هَذَا الْحَدِيث: الْحَثّ عَلَى مَكَارِم الْأَخْلَاق، وَالْمُوَاسَاة فِي الطَّعَام، لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ مَنْ صَنَعَهُ أَوْ حَمَلَهُ؛ لِأَنَّهُ وَلِيَ حَرّه وَدُخَانه، وَتَعَلَّقَتْ بِهِ نَفْسه، وَشَمَّ رَائِحَته، وَهَذَا كُلّه مَحْمُول عَلَى الِاسْتِحْبَاب. (نووي).

قال الحافظ رحمه الله: ولَيْسَ فِي الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ (أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَطْعَمُونَ) إِلْزَامٌ بِمُؤَاكَلَةِ الْخَادِمِ، بَلْ فِيهِ أَنْ لَا يَسْتَأْثِرَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، بَلْ يُشْرِكَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَكِنْ بِحَسَبِ مَا يَدْفَعُ بِهِ شَرّ عينه، وَقد نقل ابن الْمُنْذِرِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْوَاجِبَ إِطْعَامُ الْخَادِمِ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ الَّذِي يَأْكُلُ مِنْهُ مِثْلَهُ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْأُدْمِ وَالْكِسْوَةِ وَأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَسْتَأْثِرَ بِالنَّفِيسِ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ أَنْ يُشْرِكَ مَعَهُ الْخَادِمَ فِي ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى.

• اذكر مظاهر رحمته -صلى الله عليه وسلم- بالخدم؟

أنس بن مالك -رضي الله عنه- حين قال: (خدمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين فوالله ما قال أف قط، وما قال لشيء فعلته لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله لم لم تفعله؟).

وقال -رضي الله عنه-: خدمتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عشرَ سنين، فما سبَّني سبَّةً قط، ولا ضربني ضربةً، ولا انتهرني، ولا عبَس في وجهي، ولا أمرني بأمر فتوانيتُ فيه فعاتبني عليه، فإن عاتبني أحدٌ من أهله قال: (دَعُوه، فَلَوْ قُدِّرَ شَيءٌ كَانَ).

وقد أوصى بالخدم رحمةً بهم:

<<  <  ج: ص:  >  >>