وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وَفِي الْحَدِيث أَنَّ تَنْجِيز وَفَاء الدَّيْن وَالتَّصَدُّق فِي الْحَيَاة وَفِي الصِّحَّة أَفْضَل مِنْهُ بَعْد الْمَوْت وَفِي الْمَرَض، وَأَشَارَ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: " وَأَنْتَ صَحِيح حَرِيص تَأْمُل الْغِنَى الخ " لأَنَّهُ فِي حَال الصِّحَّة يَصْعُب عَلَيْهِ إِخْرَاج الْمَال غَالِبًا لِمَا يُخَوِّفهُ بِهِ الشَّيْطَان وَيُزَيِّن لَهُ مِنْ إِمْكَان طُول الْعُمْر وَالْحَاجَة إِلَى الْمَال كَمَا قَالَ تَعَالَى (الشَّيْطَان يَعِدكُمْ الْفَقْر) الآيَة.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَن وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء مَرْفُوعًا قَال (مَثَل الَّذِي يُعْتِق وَيَتَصَدَّق عِنْد مَوْته مِثْل الَّذِي يُهْدِي إِذَا شَبِع) وَهُوَ يَرْجِع إِلَى مَعْنَى حَدِيث الْبَاب.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا (لأَنْ يَتَصَدَّق الرَّجُل فِي حَيَاته وَصِحَّته بِدِرْهَمٍ خَيْر لَهُ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّق عِنْد مَوْته بِمِائة).
فائدة:
قال السمرقندي: عليك بالصدقة بما قلّ أو كثر، فإن في الصدقة عشر خصال محمودة خمس في الدنيا وخمس في الآخرة.
أما التي في الدنيا:
فأولها: تطهير المال كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (ألا إن البيع يحضره اللغو والحلف والكذب، فشوبوه بالصدقة).
والثاني: أن فيها تطهير البدن من الذنوب، كما قال الله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ … ).
والثالث: أن فيها دفع البلاء والأمراض، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (داووا مرضاكم بالصدقة).
والرابع: أن فيها إدخال السرور على المساكين، وأفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمنين.
والخامس: أن فيها بركة في المال وسعة في الرزق، كما قال تعالى (ومَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ).
وأما الخمس التي في الآخرة:
فأولها: أن تكون الصدقة ظلاً لصاحبها في شدة الحر.
والثاني: أن فيها خفة الحساب.
والثالث: أنها تثقل الميزان.
والرابع: جواز على الصراط.
والخامس: زيادة الدرجات في الجنة.
ما الأفضل في صدقة التطوع أن تكون سراً أم علانية؟
فائدة:
الأفضل أن تكون سراً.
أ- لحديث (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).
ب- ولقوله تعالى (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ).