للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَدْ نقله ابن المنذر وغيره عن الجمهور، وخالفهم فِي ذلك مالكٌ، والليث. ونقل أيضاً عن سعيد بن المسيب، وربيعة، فقالوا: لا يحلّ أكل الإنسيّ إذا توحّش، إلا بتذكيته فِي حلقه، أو لبّته، وحجة الجمهور حديث رافع رضي الله تعالى عنه المذكور فِي الباب. أفاده فِي (الفتح).

وقال ابن قدامة: وَكَذَلِكَ إنْ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَذْكِيَتِهِ، فَجَرَحَهُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ قَدَرَ عَلَيْهِ، فَقَتَلَهُ، أُكِلَ، إلَّا أَنْ تَكُونَ رَأْسُهُ فِي الْمَاءِ، فَلَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يُعِينُ عَلَى قَتْلِهِ.

هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ.

وَلَنَا، ثم ذكر حديث الباب.

وَلِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الذَّكَاةِ بِحَالِ الْحَيَوَانِ وَقْتَ ذَبْحِهِ، لَا بِأَصْلِهِ، بِدَلِيلِ الْوَحْشِيِّ إذَا قُدِرَ عَلَيْهِ وَجَبَتْ تَذْكِيَتُهُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ، فَكَذَلِكَ الْأَهْلِيُّ إذَا تَوَحَّشَ يُعْتَبَرُ بِحَالِهِ.

فَأَمَّا إنْ كَانَ رَأْسُ الْمُتَرَدِّي فِي الْمَاءِ، لَمْ يُبَحْ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يُعِينُ عَلَى قَتْلِهِ، فَيَحْصُلُ قَتْلُهُ بِمُبِيحٍ وَحَاظِرٍ، فَيَحْرُمُ، كَمَا لَوْ جَرَحَهُ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ. (المغني).

قال النووي: قال أصحابنا وغيرهم: الحيوان المأكول الذي لا تحل ميتته ضربان:

مقدور على ذبحه ومتوحش.

فالمقدور عليه لا يحل إلا بالذبح في الحلق واللبة كما سبق، وهذا مجمع عليه.

وأما إذا توحش إنسي، بأن ند بعير أو بقرة أو فرس أو شردت شاة أو غيرها، فهو كالصيد، فيحل بالرمي إلى غير مذبحه، وبإرسال الكلب وغيره من الجوارح عليه، وكذا لو تردى بعير أو غيره في بئر، ولم يمكن قطع حلقومه ومريئه، فهو كالبعير الناد في حله بالرمي.

ثم قال النووي: قال أصحابنا: وليس المراد بالتوحش مجرد الإفلات، بل متى تيسر لحوقه بعد ولو باستعانة بمن يمسكه ونحو ذلك، فليس متوحشاً ولا يحل حينئذٍ إلا الذبح في المذبح.

وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: إنهار الدم له حالات:

الحالة الأولى: أن يكون المذكى غير مقدور عليه، مثل أن يهرب أو يسقط في بئر أو في مكان سحيق لا يمكن الوصول إلى رقبته أو نحو ذلك، فيكفي في هذه الحال إنهار الدم في أي موضع كان من بدنه حتى يموت، لحديث الباب.

الحالة الثانية: أن يكون مقدوراً عليه، بحيث يكون حاضراً أو يمكن إحضاره بين يدي المذكي، فيشترط أن يكون الإنهار في موضع معين وهو الرقبة.

• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟

- أن الإنسان جاء بالرفق بالحيوان.

- النهي عن إضاعة المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>