للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رابعاً: أنه من أسباب دخول النار.

قال -صلى الله عليه وسلم- (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار) رواه أبو داود.

قال الحافظ العراقي رحمه الله في (تخريج الإحياء) أخرجه أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِإِسْنَاد صَحِيح

وقال النووي رحمه الله في (رياض الصالحين) رواه أَبُو داود بإسناد عَلَى شرط البخاري ومسلم.

خامساً: الهجر كسفك الدم.

قال -صلى الله عليه وسلم- (من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه) رواه أبو داود.

لماذا أبيح الهجر دون ثلاث؟

قال النووي: فِي هَذَا الْحَدِيث تَحْرِيم الْهَجْر بَيْن الْمُسْلِمِينَ أَكْثَر مِنْ ثَلَاث لَيَالٍ، وَإِبَاحَتهَا فِي الثَّلَاث الْأُوَل بِنَصِّ الْحَدِيث، وَالثَّانِي بِمَفْهُومِهِ. قَالُوا: وَإِنَّمَا عُفِيَ عَنْهَا فِي الثَّلَاث لِأَنَّ الْآدَمِيّ مَجْبُول عَلَى الْغَضَب وَسُوء الْخُلُق وَنَحْو ذَلِكَ؛ فَعُفِيَ عَنْ الْهِجْرَة فِي الثَّلَاثَة لِيَذْهَب ذَلِكَ الْعَارِض.

متى يجوز الهجر فوق ثلاث؟

قد اعتبر السلف وجمهور الأئمة الابتداع في العقائد من الأسباب المشروعة للهجر، وأوجبوا هجران أهل الأهواء من المبتدعة، الذين يجاهرون ببدعهم أو يدعون إليها.

وقال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه. فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية.

ومن أسباب الهجر الشرعي فوق ثلاث هجران أصحاب المعاصي المجاهرين بها.

كما هجر النبي -صلى الله عليه وسلم- المتخلفين عن غزوة تبوك من غير عذر، كما في قصة كعب بن مالك، وصاحبيه رضي الله عنهم.

ويجوز الهجر فوق ثلاث للزوجة الناشز إلا أن هجرها لا يكون إلا في المضجع، وليس في كل الأحول.

كما قال تعالى (واهجروهن في المضاجع) بعد العظة والنصيحة وبالجملة فإن الهجر علاج، ولا يصار إليه إلا إذا تحقق أو غلب على الظن أن هجر المهجور أنفع - في الجملة - من وصله، فإن كان العكس لم يشرع الهجر، لأن الحكم يدور مع علته وجوداً.

والهجران كما يقول شيخ الإسلام رحمه الله: إنما هو دواء يجب أن يستخدم في وقته وبمقداره، فلا يجوز أن يستخدم في غير وقته وبغير مقداره.

ماذا نستفيد من قوله (وَخَيْرُهُمَا اَلَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ)؟

قال النووي: … وَفِيهِ دَلِيل لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيّ وَمَالِك وَمَنْ وَافَقَهُمَا أَنَّ السَّلَام يَقْطَع الْهِجْرَة، وَيَرْفَع الْإِثْم فِيهَا، وَيُزِيلهُ، وَقَالَ أَحْمَد وَابْن الْقَاسِم الْمَالِكِيّ: إِنْ كَانَ يُؤْذِيه لَمْ يَقْطَع السَّلَام هِجْرَته. قَالَ أَصْحَابنَا: وَلَوْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ عِنْد غَيْبَته عَنْهُ هَلْ يَزُول إِثْم الْهِجْرَة؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدهمَا لَا يَزُول لِأَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمهُ، وَأَصَحّهمَا يَزُول لِزَوَالِ الْوَحْشَة. وَاَللَّه أَعْلَم.

<<  <  ج: ص:  >  >>