بَابُ صَلَاةِ اَلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ
٤٢٤ - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: (أَوَّلُ مَا فُرِضَتِ اَلصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ اَلسَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ اَلْحَضَرِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه.
وَلِلْبُخَارِيِّ (ثُمَّ هَاجَرَ، فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا، وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ اَلسَّفَرِ عَلَى اَلْأَوَّلِ).
٤٢٥ - زَادَ أَحْمَدُ (إِلَّا اَلْمَغْرِبَ فَإِنَّهَا وِتْرُ اَلنَّهَارِ، وَإِلَّا اَلصُّبْحَ، فَإِنَّهَا تَطُولُ فِيهَا اَلْقِرَاءَةُ).
===
(أَوَّلُ مَا فُرِضَتِ اَلصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ) وذلك بمكة ليلة الإسراء، وفي رواية (في الحضر والسفر).
(فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ اَلسَّفَرِ) أي: بقيت صلاة السفر على الحالة الأولى التي فرضها الله ركعتين ركعتين.
(وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ اَلْحَضَرِ) وفي رواية مسلم (وزيد في صلاة الحضر) أي: بعد الهجرة إلى المدينة، لمَا عند البخاري في صحيحه في (كتاب الهجرة) عن عائشة قالت (فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- ففُرضتْ أربعاً).
• اذكر الأدلة على مشروعية قصر الصلاة؟
مشروعية القصر ثابت بالكتاب والسنة والإجماع:
قال تعالى (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا).
وظاهر الآية أن القصر مقيد بحال الخوف، إلا أن السنة بينت المراد من الآية، وهو أن القصر مشروع في الأمن والخوف في حال السفر.
ففي صحيح مسلم عن يعلى بن أمية قال: (قلت لعمر (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) وقد أمن الناس، فقال: عجبتُ مما عجبتَ منه، فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته). رواه مسلم
وعن ابن عمر قال: (صحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر، وعمر، وعثمان كذلك). متفق عليه
وفي لفظ مسلم: (صحبت النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله) وفي رواية (ومع عثمان صدراً من خلافته ثم أتم).
وأجمع أهل العلم على مشروعية القصر في السفر الطويل.
• اذكر الخلاف في حكم القصر هل هو واجب أم لا؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: أنه واجب.
وهذا مذهب أبي حنيفة، ونصره ابن حزم، واختاره الصنعاني.
أ-لقول عائشة (أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر … ) فهذا يدل على أن صلاة السفر مفروضة ركعتين.
قال الشوكاني: وهو دليل ناهض على الوجوب، لأن صلاة السفر إذا كانت مفروضة ركعتين، لم يجز الزيادة عليها، كما أنها لا تجوز الزيادة على أربع في الحضر.
ب- ولحديث يعلى ابن أمية السابق، وفيه (صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته) فقوله (فاقبلوا) هذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب.
ج- ولحديث ابن عمر قال (صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى السَّفَرِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْتُ عُمَرَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، ثُمَّ صَحِبْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة) متفق عليه.
وجه الدلالة: مداومة النبي -صلى الله عليه وسلم- على قصر الصلاة في السفر، فلم ينقل عنه أنه أتم في سفره، فمداومته دليل على الوجوب.