للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بَابُ اَلْهِبَةِ

[تعريفها]

قال ابن قدامة: تمليك في الحياة بلا عوض.

قولنا (تمليك) يخرج العارية، لأن العارية إباحة العين لا تمليكها، لأنه ينتفع بها ويردها.

وقولنا (في الحياة) هذا يخرج الوصية، لأن الوصية بعد الموت.

وقولنا (بلا عوض) وهذا يخرج البيع، لأنه تمليك بعوض معلوم.

قال ابن قدامة: وجملة ذلك أن الهبة والصدقة والهدية والعطية معانيها متقاربة، وكلها تمليك في الحياة بلا عوض، واسم العطية شامل لجميعها وكذلك الهبة.

وقال ابن حجر: والهبة بكسر الهاء وتخفيف الباء الموحدة تطلق بالمعنى الأعم على أنواع الإبراء، وهو هبة الدين ممن هو عليه، والصدقة هي هبة ما يتمحض به طلب ثواب الآخرة، والهدية هي ما يكرم به الموهوب له ومن خصها بالحياة أخرج الوصية، وهي أيضا تكون بالأنواع الثلاثة، وتطلق الهبة بالمعنى الأخص على ما لا يقصد له بدل، وعليه ينطبق قول من عرف الهبة بأنها تمليك بلا عوض. ا هـ.

فائدة: ١

[والهبة من عقود التبرعات.]

وهي العقود التي يقوم التمليك فيها على التبرع من غير مقابل؛ إذ إن أحد طرفي العقد فيها لا يطلب عوضا عما يدفعه إلى الطرف الآخر، ويقابلها عقود المعاوضات، وهذا من حيث الغرض من العقد.

فائدة: ٢

[اعلم أن تبرع الإنسان ماله لغيره بقع على أوجه]

أن يكون صدقة: وهي ما أريد بها ثواب الآخرة.

أن يكون هدية: وهي ما قصد بها التودد والتحبب للغير.

أن يكون هبة: وهي ما قصد بها مجرد النفع المحض. (والغالب تكون من الأعلى إلى الأدنى).

أن يكون عطية: وهي كالهبة، لكنها هي تكون في مرض الموت المخوف.

أن يكون وصية: هي التبرع بالمال بعد الموت.

أن يكون رشوة: وهي بذل المال للتوصل لأمر محرّم.

فائدة: ٣

[الفرق بين الهدية والصدقة.]

أن من أعطى شيئاً ينوي به التقرب إلى الله تعالى للمحتاج فهو صدقة، وإن حملت إلى المهدى إليه إكراماً وتودداً فهو هدية.

ويدل على هذا حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أتي بطعام سأل عنه أهدية، أو صدقة؟ فإن قيل: صدقة، قال لأصحابه: كلوا، ولم يأكل، وإن قيل: هدية، ضرب بيده فأكل معهم).

فهذا الحديث يدل دلالة واضحة على الفرق بين الصدقة، والهدية، وأنهما متغايران، فمن أعطى للمحتاج شيئاً لوجه الله فهو صدقة، وإن حمل إلى المملك إكراماً وتودداً فهو هدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>