إذا توفرت شروط إقامتها، يبدأ بالمدعين، فيحلفون خمسين يميناً توزع على قدر إرثهم من القتيل، أن فلاناً هو الذي قتله، ويكون ذلك بحضور المدّعَى عليه، فإن أبى الورثة أن يحلفوا أو امتنعوا من تكميل الخمسين يميناً، فإنه يحلف المدّعَى عليه خمسين يميناً إذا رضي المدّعُون بأيمانه، فإذا حلف برئ، وإن لم يرض المدعون بتحليف المدّعَى عليه، فدى الإمام القتيل بالدية من بيت المال، لأن الأنصار لما امتنعوا من قبول أيمان اليهود، فدى النبي -صلى الله عليه وسلم- القتيل من بيت المال، ولأنه لم يبق سبيل لإثبات الدم على المدّعَى عليه، فوجب الغرم من بيت المال، لئلا يضيع دم المعصوم هدراً بلا مبرر لإهداره.
قال الشيخ ابن عثيمين: صفة القسامة أن يدعي قومٌ أن مورِّثَهم قتله فلان، ويحلفون على أنه هو القاتل، ويكررون الأيمان، فإذا فعلوا ذلك وتمت شروط القسامة: أُعطي المدَّعَى عليه لهؤلاء يقتلونه، فليس فيها بيِّنة، وإنما فيها هذه الأيمان فقط.
• هل يشترط في المدعى عليه في القسامة أن يكون معيناً أم لا؟
اختلف العلماء رحمهم الله في المدعى عليه في القسامة: هل يشترط أن يكون معينا، أم لا؟
ثم وقع الخلاف بين من يشترط التعيين، فيما إذا كانت دعوى القتل على جماعة معينين:
فقيل: لا تصح الدعوى، سواء كانت بقتل عمد أو غيره، وهو مذهب الحنابلة.
وقيل: تصح الدعوى، سواء كانت بقتل عمد أو غيره، فإذا تمت القسامة بشروطها: قُتلت الجماعة المعينة، إذا كان عمداً مستوفيا شروط القصاص، قاله بعض الشافعية.
وقيل: إن كانت الدعوى بقتل عمد: لم تصح إلا على واحد. وإن كانت بغيره: صحت على الجماعة، فتجب الدية عليهم؛ وهو قول مالك والشافعي.
وإلى إمكان إقامة الدعوى على أكثر من واحد يميل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حيث قال: ولو قال قائل: نجعلها كغيرها من الدعاوِي، بمعنى إن ادعى على واحد أجرينا عليه القسامة، وإن ادعى على اثنين فأكثر: أجرينا عليهم القسامة؛ لأنه من الممكن أن يدعي المدعون أن شخصين قتلاه مع التواطؤ. (الشرح الممتع).