للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٦٧ - وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلسَّعْدِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَا تَنْقَطِعُ اَلْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ اَلْعَدُوُّ) رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ.

===

(عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلسَّعْدِيِّ) نسبة إلى بني سعد؛ قيل له ذلك؛ لأنه كَانَ مسترضعًا فِي بني سعد.

• ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد أن الهجرة باقية إلى يوم القيامة؛ لأن مقاتلة الكفّار مستمرّة إلى ذلك الوقت، فكلّ منْ لم يتمكن منْ إقامة دينه فِي وطنه لسيطرة الكفّار عليه، وجب عليه أن يهاجر إلى دار الإِسلام، إن تمكّن منْ الهجرة.

وأما حديث ابن عباس السابق (لا هجرة بعد الفتح) فقد تقدم الجمع بينه وبين حديث الباب.

قال الشوكاني: وأما حديث (لا هجرة بعد الفتح) فالمراد به الهجرة من مكة إلى المدينة، أو لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح. وهذا لابد منه للجمع بين الأحاديث.

• اذكر حكم الهجرة؟

قال ابن قدامة رحمه الله مبيناً أصناف الناس في حكم الهجرة: فالناس في الهجرة على ثلاثة أضرب:

أحدها: من تجب عليه، وهو من يقدر عليها، ولا يمكنه إظهار دينه، ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار، فهذا تجب عليه الهجرة.

لقول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً).

وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب. ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب

الثاني: من لا هجرة عليه. وهو من يعجز عنها، إما لمرض، أو إكراه على الإقامة، أو ضعف; من النساء والولدان وشبههم، فهذا لا هجرة عليه.

لقول الله تعالى: (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً). ولا توصف باستحباب; لأنها غير مقدور عليها.

والثالث: من تستحب له، ولا تجب عليه. وهو من يقدر عليها، لكنه يتمكن من إظهار دينه، وإقامته في دار الكفر، فتستحب له، ليتمكن من جهادهم، وتكثير المسلمين، ومعونتهم، ويتخلص من تكثير الكفار، ومخالطتهم، ورؤية المنكر بينهم. ولا تجب عليه; لإمكان إقامة واجب دينه بدون الهجرة. وقد كان العباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم- مقيما بمكة مع إسلامه. (المغني).

<<  <  ج: ص:  >  >>