١٤٠٧ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا (أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَضَى بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَأَبُو دَاوُدَ. وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ: إِسْنَادُ [هُ] جَيِّد.
١٤٠٨ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- مِثْلَهُ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَاَلتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّان.
===
[ماذا نستفيد من الحديث؟]
نستفيد أن للقاضي أن يحكم بالشاهد الواحد ويمين المدعي، وذلك إذا أقام المدعي شاهداً وعجز عن الإتيان بشاهد آخر.
وهذا المسألة وقع فيها خلاف بين العلماء:
تحرير محل النزاع:
أ- اتفق الفقهاء على أنه لا يُقضى باليمين مع الشاهد في الحقوق الجزائية، وبشكل خاص جرائم الحدود.
ب- اتفق الفقهاء على أنه لا يُقضى باليمين مع الشاهد في الدماء والقصاص، وشذَّ في ذلك الظاهرية.
جـ- انحصرَ خلاف الفقهاء في الحقوق المالية، هل تثبت بشهادة الشاهد الواحد ويَمين المدَّعي، أم لا؟
القول الأول: يقبل القضاء بشاهد مع يمين المدعي.
وبه قال: المالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية.
أ-لحديث الباب.
ب-آثار وردت عن عدة من الصحابة.
روي أن أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم كانوا يقضون بشهادة الشاهد الواحد، ويمين المدعي.
رُوي عن سعد بن عبادة والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهما: جواز القضاء بالشاهد واليمين.
وجه الاستدلال بهذه الآثار: تفيد هذه الآثار بوضوح أن كبار الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يقضون باليمين مع الشاهد الواحد، وهم لا يفعلون ذلك إلا عن توقيف وسَماع من الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه لا مدخل للرأي في ذلك، وهذا دليل واضح على جواز القضاء بالشاهد واليمين.
ج- المعقول:
إن اليمين تُشرع في حق من قوي جانبه في الدعوى؛ ولذلك شرعت في حق المُنكِر؛ لأن موقفه في الدعوى أقوى من موقف المدعي؛ لأنَّ الظاهر يؤيد المُنكِر، وكذلك الأمر في حق المدعي؛ لأن جانبه في الدعوى يقوى بشهادة الشاهد على جانب المدَّعى عليه، فتُشرع اليمين في حقه، تأكيدًا لرجحان موقفه في الدعوى، ونفيًا للتهمة، وهذا يكفي في إثبات الدعوى.