للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني عشر: أن يقيم معاذير الخلائق وتتسع رحمته لهم، مع إقامة أمر الله فيهم، فيقيم أمره فيهم رحمة لهم، لا قسوة وفظاظة عليهم.

الثالث عشر: أن يخلع صولة الطاعة والإحسان من قلبه، فتتبدل برقة ورأفة ورحمة.

الرابع عشر: أن يعريه من رداءِ العجب بعمله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَوْ لَمْ تُذّنِبُوا، لَخِفْتُ عَلَيْكُمْ مَا هُوَ أَشدُّ مِنْهُ؛

الخامس عشر: أن يعريه من لباس الإدلال الذي يصلح للملوك، ويلبسه لباس الذل الذي لا يليق بالعبد سواه.

السادس عشر: أن يستخرج من قلبه عبوديته بالخوف والخشية، وتوابعهما من البكاء والإشفاق والندم.

السابع عشر: أن يعرف مقداره، مع معافاته وفضله في توفيقه وعصمته، فإن من تربى في العافية، لا يعرف ما يقاسيه المبتلى ولا يعرف مقدار العافية.

الثامن عشر: أن يستخرج منه محبته وشكره لربه إذا تاب إليه ورجع إليه، فإن الله يحبه ويوجب له بهذه التوبة مزيد محبة وشكر ورضا، لا يحصل بدون التوبة، وإن كان يحصل بغيرها من الطاعات أثر آخر، لكن هذا الأثر الخاص لا يحصل إلا بالتوبة.

التاسع عشر: أنه إذا شهد إساءته وظلمه، واستكثر القليل من نعمة الله، لعلمه بأن الواصل إليه منها كثير، على مسيء مثله، فاستقل الكثير من عمله، لعلمه بأن الذي يصلح له أن يغسل به نجاسته وذنوبه: أضعاف، أضعاف ما يفعله؛ فهو دائماً مستقل لعمله كائناً ما كان، ولو لم يكن في فوائد الذنب وحكمه إلا هذا وحده لكان كافياً.

العشرون: أنه يوجب له التيقظ والحذر من مصايد العدو ومكايده، ويعرفه من أين يدخل عليه، وبماذا يحذر منه، كالطبيب الذي ذاق المرض والدواء.

الثاني والعشرون: أنه يرفع عنه حجاب الدعوى، ويفتح له طريق الفاقة، فإنه لا حجاب أغلظ من الدعوى، ولا طريق أقرب من العبودية، فإن دوام الفقر إلى الله مع التخليط خير من الصفاءِ مع العجب.

الثالث والعشرون: أن تكون في القلب أَمراض مزمنة لا يشعر بها، فيطلب دواءَها، فيَمُن عليه اللطيف الخبير، ويقضي عليه بذنب ظاهر، فيجد أَلم مرضه، فيحتمى، ويشرب الدواءَ النافع، فتزول تلك الأمراض التي لم يكن يشعر بها.

[ما شروط التوبة؟]

أحَدُها: أنْ يُقلِعَ عَنِ المَعصِيَةِ.

قال ابن القيم: فتستحيل التوبة مع مباشرة الذنب.

والثَّانِي: أَنْ يَنْدَمَ عَلَى فِعْلِهَا.

قال ابن القيم: فأما الندم، فإنه لا تتحقق التوبة إلا به، إذ من لم يندم على القبيح فذلك دليل على رضاه به، وإصراره عليه، وفي المسند (الندم توبة).

والثَّالثُ: أنْ يَعْزِمَ أَنْ لا يعُودَ إِلَيْهَا أَبَداً. فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُ الثَّلاثَةِ لَمْ تَصِحَّ تَوبَتُهُ.

يعزم عزماً مؤكداً أن لا يعود إليها مرة أخرى في المستقبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>