للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• ما هو ضابط التفرق؟

اختلف العلماء في حد هذا التفرق.

قيل: التفرق أن يغيب عن صاحبه.

وقيل: بأن يمشي أحدهما مستديراً لصاحبه خطوات.

وقيل: هو أن يبعد منه بحيث لا يسمع كلامه الذي يتكلم به في العادة.

والراجح من أقوال العلماء هو عرف الناس وعاداتهم فيما يعدونه تفرقاً، فما عده العرف تفرقاً فهو كذلك وإلا فلا. والقاعدة: كل ما ورد مطلقاً في لسان الشارع، ولم يحدد، فإنه يرجع إلى تحديده إلى العرف.

ولأن التفرق في الشرع مطلق فوجب أن يحمل على التفرق المعهود.

ولأن الشارع علق عليه حكماً ولم يبينه، فدل ذلك على أنه أراد ما يعرفه الناس كالقبض والاحراز.

فمتى تفرقا بأبدانهما تفرقا يعتد به العرف انقطع خيارهما ولزم العقد ولو أقاما في مجلسهما مدة متطاولة أو قاما وتماشيا مراحل أو حجز بينهما حاجز من جدار أو غيره فهما على خيارهما وبه قطع جمهور القائلين بالخيار. أمثلة:

إذا كانا في بيت، فبخروج أحدهما منه.

إذا كانا في غرفة، فبخروج أحدهما منها.

• كم مدة خيار المجلس؟

اختلف العلماء في ذلك على أقوال:

القول الأول: أنه لا حد للمدة التي يظل فيها الخيار قائماً ما دام لم يحدث تفرق بالأبدان بين المتعاقدين، وإن مكثا معاً طيلة عمرهما، ولا عبرة في ذلك بما يحدث منهما ـ قبل تفرقهما ـ بما يدل على إعراضهما عن التعاقد.

وقال بهذا الرأي الشافعية، قال النووي: إنه هو الصحيح وبه قطع الجمهور.

وقال به الظاهرية وهو الظاهر من كلام الحنابلة.

فقد قال البهوتي: وإن بني بينهما ـ أي بين المتبايعين ـ وهما في المجلس حائط من جدار، أو غيره، أو أرخيا ستراً في المجلس، أو ناما فيه، أو قاما منه فمضيا جميعاً ولم يتفرقا، فالخيار باق بحالة.

لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- علق الخيار على التفرق، فإذا لم يوجد وجد الخيار، وإذا وجد لم يوجد الخيار.

الرأي الثاني: يرى أصحابه أن الخيار له أمد معين ينتهي عنده، إن لم يتفرقا بأبدانهما قبل ذلك، وهذا الأمد هو ثلاثة أيام.

ومقتضى هذا الرأي: أن المتعاقدين بعد العقد يثبت لهما خيار المجلس ما داما لم يتفرقا، فإذا استمر عدم التفرق مدة طويلة من الزمن تقل عن ثلاثة أيام ظل خيار المجلس قائماً، حتى إذا كانت ثلاثة أيام انقطع الخيار، حتى ولو لم يحدث تفرق فعلى بين المتعاقدين.

وقال بهذا الرأي الشافعية في وجه عندهم.

قال النووي: وحكى وجه أنه لا يزيد على ثلاثة أيام.

وحجة هذا الرأي: القياس على خيار الشرط، فكما لا يجوز أن يزيد الخيار المشروط على ثلاثة أيام، فكذلك خيار المجلس لا يجوز أن يزيد على ثلاثة أيام.

الرأي الثالث: ويرى أصحابه أن خيار المجلس ينتهي بمجرد ظهور إعراض عما يتعلق بالعقد، طالت المدة أو قصرت.

والراجح الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>