بَاب اَلْأَضَاحِيِّ
الأضحية: ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام الأضحى بسبب العيد تقرباً إلى الله.
وهي مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع:
قال تعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر).
قال ابن كثير: الصحيح أن المراد بالنحر ذبح المناسك، وهو ذبح البدن ونحوها.
وقال تعالى (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) المنسك المراد به هنا هو الذبح الذي يتقرب به إلى الله تعالى.
وقد ذكر ابن كثير عند هذه الآية أن هذه الآية تدل على أن ذبح المناسك مشروعة في جميع الملل.
وأما السنة:
فالأحاديث كثيرة وسيأتي بعضها في الشرح ومنها:
حديث البراء -رضي الله عنه- قال (خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الأضحى بعد الصلاة، فقال: من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له). متفق عليه
وأجمع المسلمون على مشروعيتها.
قال في المغني: أجمع المسلمون على مشروعية الأضحية.
قال ابن القيم: فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يدع الأضحية.
[الحكمة من مشروعيتها]
أولاً: تعظيم الله بذبح الأضاحي تقرباً إليه. (اراقة الدماء بنية الأضحية هذا من تعظيم الله).
ثانياً: إظهار شعائر الله تعالى.
ثالثاً: التوسعة على الأهل والفقراء والإهداء للجيران والأقرباء.
ذبح الأضحية أفضل من التصدق بثمنها، لأمرين:
أولاً: أن إراقة الدم والذبح عبادة مقصودة، فإخراج القيمة فيه تعطيل لهذه الحكمة العظيمة.
ثانياً: أن الأضحية سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وعمل المسلمين إلى يومنا هذا، ولم ينقل أن أحداً منهم أخرج القيمة.
ثالثاً: اقتداء بأبينا إبراهيم -عليه السلام-.
وكان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان حريصا على الأضحية، حتى إنه ضحى، لما أدركه الأضحى في سفره.
روى مسلم عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: ذَبَحَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ قَالَ: (يَا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لَحْمَ هَذِهِ)، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ مِنْهَا حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ.
قال النووي رحمه الله:
" فِيهِ أَنَّ الضَّحِيَّةَ مَشْرُوعَةٌ لِلْمُسَافِرِ، كَمَا هِيَ مَشْرُوعَةٌ لِلْمُقِيمِ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ " انتهى.
وهذا دليل على تعظيم النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمر الأضحية.